نستفيد من هذه السيرة دروساً:
أولها: الزهد؛ وهو منزلة عالية، وهو الذي فارق بيننا وبين الصحابة، فالصحابة زهدوا في الدنيا فرفعهم الله وجعل الجنة مثواهم، ونحن أحببنا الدنيا فأخذت أوقاتنا وليالينا وأيامنا إلا من رحم ربنا.
وثانيها: أن الشجاعة في ذات الله هي المحمودة، وأنه لا يمدح الجبان، ومن استخدم شجاعته في رضى الله كانت له شرفاً في الدنيا وذخراً في الآخرة، وبعض الناس شجاعته على جيرانه وإخوانه وأرحامه، حتى أن بعض القبائل ليس لديهم كلام إلا صبحنا آل فلان، ومسينا آل فلان، وضربنا آل فلان، وقاتلنا آل فلان وهم مسلمون، فهذه ليست بشجاعة، هذه معصية يحاسبون عليها عند الله، إنما الشجاعة على الكافر عدو الله، والشجاعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما العنصريات، وشجاعة التفاخر على المسلمين فليست بشجاعة.
وثالثها: أن الصدق في الكلمات دليل على صدق القلوب، فصادق القلب يجعله الله صادق اللسان، ولذلك كان علي بن أبي طالب صادقاً في كلماته، يقول ابن كثير: (باب في كلماته الحاصلة التي إلى القلوب واصلة).
ورابعها: أن من تقلل من هذه الدنيا فما عند الله له خير وأبقى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل:96] فقد ذهب علي بن أبي طالب، وذهب أبو بكر، وذهب عمر، وذهب عثمان، وذهب فرعون، وذهب قارون: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى:7].
ستعلم أينا أهدى سبيلاً إذا عرضت على الله الأمور