القضية الثالثة: من هم الذين لا خلاق لهم؟ الذين لا خلاق لهم: الذين باعوا أخراهم بدنياهم.
الذين لا خلاق لهم هم الذين ما عاشوا لا إله إلا الله، وما استظلوا بمظلة لا إله إلا الله.
الذين لا خلاق لهم هم الذي ظنوا أن الحياة حياة بطون وفروج؛ فعموا وصموا عن لا إله إلا الله.
الذين لا خلاق لهم هم البهائم والذين يعيشون في مسالخ البهائم، حياة مجون وسخط وسفه وزنا وربا وغناء، لا توجه، ولا ذكر، ولا تلاوة، ولا توبة، نعوذ بالله من ذلك.
هؤلاء الذين لا خلاق لهم، لا يسألون عن الحرام ولا عن الحلال، فهم لا خلاق لهم يلبسونها في الدنيا، ولكن حرام عليهم -والله- أن يلبسوها في الآخرة، والجزاء من جنس العمل.
من استمع الغناء في الدنيا حرمه الله سماع غناء الجنة، وفي مسند الإمام أحمد بسند صحيح أن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول من حديث ابن عباس، وحديث أبي هريرة: {إن في الجنة جوارٍ يغنين يقلن: نحن الناعمات فلا نبأس، نحن الخالدات فلا نبيد، طوبى لمن كنا له وكان لنا} ولذلك ينظم ابن القيم أثراً لـ ابن عباس؛ لأن ابن عباس سئل عن غناء أهل الجنة، قال: إذا اشتهى أهل الجنة غناء، أرسل الله عليهم في الجنة ريحاً باردةً مائسة، قال: فتحرك أغصان الجنة فيسمع لذلك صوت، يطربون له طرباً لا يجدون كلذته أبداً، قال ابن القيم في منظومته النونية الكافية الشافية للانتصار للفرقة الناجية:
قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الـ إنسان كالنغمات بالأوزان
يا خيبة الآذان لا تتعوضي بلذاذة الأوتار والعيدان
وصدق رحمه الله.
وكذلك من شرب في إناء الفضة، حرمه الله عز وجل الشرب في آنية الفضة وكذلك الذهب، وفي صحيح مسلم عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من شرب في آنية الفضة، فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم} نعوذ بالله من ذلك، وفي صحيح البخاري وصحيح مسلم عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تأكلوا في آنية الذهب والفضة، ولا تشربوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة} فحق على الله عز وجل أوجبه على نفسه أن من ترك شيئاً له عوضه خيراً منه.
فإني أدعو نفسي وإياكم لترك هذه المحرمات ليعوضنا الله خيراً منها في الجنة.