وقد ورد في صحيح البخاري في كتاب الوكالة: أن رجلاً من بني إسرائيل لقي آخر فاستسلفه ألف دينار، فقال له ذاك الرجل: ما أعرفك فهل لك من شاهد، قال: ما أجد شاهداً، قال: ابحث عن شاهد، قال: ليس لي من شاهد إلا الله، قال: كفى بالله شاهداً بيني وبينك، قال: فهل لك من كفيل يؤدي عنك المال -أو يغرم المال أو يكفلك في حضورك؟ - قال: ليس لي من كفيل، قال: ابحث عن كفيل، قال: والله لا أجد كفيلاً إلا الله، قال: كفى بالله كفيلاً.
فأخذ الألف دينار وذهب بها وركب البحر، فلما ركب البحر ونزل في قريته مكث ما شاء الله من الأعوام، فلما أتى الموعد أخذ الألف دينار ليردها إلى صاحبها، فأتى إلى شاطئ البحر فلم يجد سفينة ولا قارباً؛ فبقي على شاطئ البحر ثلاثة أيام يسأل ويبحث حتى أيس من السفن والقوارب، وفي الأخير تذكر أن الضامن هو الله، وأن الكفيل هو الله، وأن الشاهد هو الله، فأخذ عوداً من خشب فنقر العود وأدخل فيه الدنانير ثم كتب عليه رسالة، وجعل العود في البحر وقال: اللهم إنه استشهدني فلم أجد شاهداً إلا أنت وطلبني كفيلاً فلم أجد كفيلاً إلا أنت، اللهم فأدِّ هذا المال إليه، ثم ضرب العود في البحر، فساقه علام الغيوب -الحافظ الحكيم وأسرع الحاسبين، الشاهد والكفيل سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وكفى بالله وكيلاً وكفى بالله كفيلاً- حتى وصل إلى الشاطئ الآخر.
وخرج ذاك الرجل في نفس الموعد يتحرى لأن بينه وبين ذاك الرجل موعداً، فرمى البحر بهذه الخشبة إلى الرجل فأخذها وقال: آخذها حطباً لأهلي، وأيس من ذاك الرجل، فلما ذهب إلى بيته كسر الخشبة فوجد فيها ألف دينار ووجد الرسالة فقال: كفى بالله وكيلاً وكفى بالله شهيداً} وهذه كرامة.