أكباد ظمئت لتشرب من الكوثر

كل الناس يوم القيامة ظمئ إلا من أرواه الله ببرد اليقين، ومن دخل قلبه الإيمان، ونأتي يوم القيامة كالغمام في يوم الزحام، وأمامنا ذاك الإمام العظيم يا له من إمام! محمد عليه الصلاة والسلام، فيشتد الكرب من النفوس، وتدنو الشمس من الرءوس، فلا إله إلا الله كم من محسور! ولا إله إلا الله كم من مثبور! ولا إله إلا الله كم من نادم! ويرد الناس الحوض كالغمام فتردهم الملائكة سبعون ألف ملك، مع كل ملك مرزبة من حديد يذودونهم عن الحوض إلا أهل السنة، فيقول عليه الصلاة والسلام: {يا رب أمتي أمتي، فيقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك؛ إنهم غيروا وبدلوا فيقول: سحقاً سحقاً} أي: هلاكاً هلاكاً، من أراد أن يشرب فليتبع سنة محمد صلى الله عليه وسلم، من أراد أن يشرب من ذاك الحوض المورود الذي من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً -نسأل الله أن يسقينا من ذاك الحوض، وأن يجعلنا ممن يبرد صدره بشربة هنيئة من ذاك الحوض، وأن يجعلنا ممن يبل صدى شفتيه بشربة من كف المصطفى عليه الصلاة والسلام- فمن أراد أن يشرب فليظمأ في ذات الله، وليحتسب الأجر على الله؛ فإنه سيشرب لا محالة إذا صدق في المتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015