أما البطون الجائعة في مرضاة المولى؛ فهي التي حرمت الحرام من الدخل الحرام من ربا ونحوه لا يحل لها، جاعت لمرضاة المولى، ذاقت الجوع، ولكنه طيب في سبيل الله.
إن كان سركم ما قال حاسدنا فما لجرح إذا أرضاكم ألم
عدنا إلى أبي الطيب المتنبي! دخل على سيف الدولة بن حمدان فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم
إلى أن يقول:
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فغضب أبو فراس الحمداني ابن عم سيف الدولة فرمى المتنبي بدواة الحبر وذلك ينشد متحمساً فوقعت في جبينه، فإذا الدم ينزل فضحك سيف الدولة؛ فغضب المتنبي ولسان حاله يقول: كيف تضحك علي؟ لكن انظر إلى الاستدراك قال:
إن كان سركم ما قال حاسدنا فما لجرح إذا أرضاكم ألم
إن كان يسرك أنه ضربني وأدمى وجهي فهذا ليس له ألم عندي، وهذا من أحسن الكلام! يأخذه الصالحون في قولهم: يا رب! إن كان يسرك الجوع أو يرضيك فلا أجد ألماً للجوع، ولا للظمأ، ولا للسهر، وينبغي دائماً وأبداً أن نتذكر هذه المبادئ، ما دام أن الله يريد أن تجوع في سبيله فجع واظمأ فإنه الأجر والمثوبة.