الإخلاص شيء من الصدق والصدق شيء من الإخلاص، لكن الصدق يزيد عليه، الصدق أن تصدق في عبادتك قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69] أن تصدق في الكلام، أن تصدق في العمل، يقول عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: {إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً} الصدق عجيب! الصدق من أحسن ما يكون!
سجن أحد الأخيار من العلماء في سجن بغداد، وكان الذي سجنه هو الخليفة المهدي بن أبي جعفر المنصور، وسبب السجن أن الخليفة قال له: لابد أن تخبرني أين عيسى بن زيد -وهو من نسل وأحفاد علي بن أبي طالب - وعيسى بن زيد رجل فاضل عظيم، ولكنه اتهم بأنه يريد الخلافة، فأتى الوشاة، وقالوا: هذا الرجل الصالح في بيتك.
فذهبوا به إلى الخليفة، فقال له الخليفة: أخرج عيسى بن زيد.
قال: والله ما كذبت في حياتي، ووالله الذي لا إله إلا هو لو كان عيسى بن يزيد بين جلدي وعظمي ولحمي ما أخرجته، أتقتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: اضربوا عنقه.
فاقتربوا بالسيف من عنقه قال: قل لي: أين هو؟ قال: والله لا أكذب أبداً، وهل جزاء الصدق إلا الجنة، اضرب عنقي.
فضرب ففصل رأسه عن جسده، (ذكر هذه القصة ابن خلكان).
أدخلوا رجلا من الصالحين قيل: إنه زر بن حبيش على الحجاج، فقال الحجاج: أين ابنك؟ قال: أنا لم أكذب في حياتي، ولو كذبت كتمت عليك أين ابني فأنا كاذب، ابني في البيت.
فجازاه الله جزاء الصدق بالصدق، ومعنى الصدق: أن تصدق في العبادة وأن تكون موافقة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.