أما إخلاص العمل فالمقصد هو الله، وكان أحد الوعاظ إذا جلس في مجلس الوعظ قال وهو يلتفت إلى السماء: إنك تعلم ما نريد قال سبحانه: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88] فما عمل للدنيا يفنى، وما عمل لأجل الناس يذهب للناس قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان:23] وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:5] وقال عز من قائل: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر:3] {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:110] صائمان اثنان، هذا جائع وذاك جائع، وهذا ظمئ وذاك ظمئ، وهذا سهر وذاك سهر، ولكن
لشتان ما بين اليزيدين في الندى يزيد بن عمرو والأغر بن حاتم
أما ذاك فتقبل الله عمله؛ لأنه قصد وجه الله، ورضي الله عنه وأرضاه؛ لأنه أراد بعمله وجه الله، وهذا رد الله عليه عمله كله، فلا قبل جوعه ولا ظمأه ولا سهره ولا صيامه!
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {يقول الله عز وجل: من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه} والله يترك من يشرك معه، وهذه هي المراءاة، وفي الصحيحين {من راءى راءى الله به، ومن سمع سمّع الله به}.
إذاً يا أيها الفضلاء! يا أيها النبلاء! لا بد أن نعرف مسألتين في الإخلاص: