الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله بالهداية الربانية فأنار به سبل الإنسانية، وهدى به البشرية، وزعزع به كيان الوثنية، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته:
شكر الله لأهل الفضل فضلهم، وعلى رأسهم رئيس هذا النادي، وأعضاء هيئته، والمشاركون والحضور، ونسأله سُبحَانَهُ وَتَعَالى كما جمعنا بكم هنا أن يجمعنا هناك في مقعد صدق عند مليك مقتدر {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [التحريم:8] {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران:106].
عنوان المحاضرة: (الصائمون الصادقون) والداعية المسلم يجتاب النوادي كالمساجد، ويحضر المحافل كالأسواق، ويشهد مجامع الناس، وله أن يشارك ويرى، فما معنا إلا إخوان، وما أتينا إلا إلى خلان، وما زرنا إلا الجيران، نحن وإياهم في هدف واحد، والمقصد هو وجه الله -إن شاء الله- لترتفع لا إله إلا الله محمد رسول الله، فرسولنا أول داعية بعد الفترة، طرق سمع التاريخ وتكلم على منبر الدنيا، جاب الأسواق، وحضر الأندية، وتكلم في مجامع الناس؛ ليبلغ راية الله، يقول محمد إقبال شاعر الباكستان عن الداعية المسلم وعن دوره في الحياة:
أنت كنز الدر والياقوت في لجة الدنيا وإن لم يعرفوك
محفل الأجيال محتاج إلى صوتك العالي وإن لم يسمعوك
أما عناصر هذه المحاضرة فهي تدور على سبع عشرة مسألة:
المسألة الأولى: إخلاص العمل لوجه الله في كل عمل.
المسألة الثانية: المتابعة للإمام الأعظم محمد رسول الهدى صلى الله عليه وسلم.
المسألة الثالثة: الصدق وحسن التوجه إلى الباري جلت قدرته.
المسألة الرابعة: قلوب صامت عن السوء، كيف تعيش القلوب في رمضان؟ وكيف تحيا بذكر الواحد الديان؟ وكيف ترفرف على سبحات الرحمن؟
المسألة الخامسة: فهي العيون التي عرفت الصيام، كيف تصوم العيون؟
سهر العيون لغير وجهك ضائع ورضا النفوس بغير ذاتك باطل
المسألة السادسة: فهي ألسنة هجرت اللغو وحبست عن الكلام في غير مرضاة الله فهو صيامها، وسوف نقف عند هذه المسائل بإذن الله.
السابعة: أذن تأبى الخنا والزور، وقاطعت كل أغنية ماجنة، وكل كلمة فحش، وكل كلمة فيها بذاءة.
المسألة الثامنة: يد تمتد بالإحسان وتكف عن الباطل في رمضان وفي غير رمضان.
المسألة التاسعة: فما هي الرِّجل! التي تحمل صاحبها لتقف على ساحة الحق وتحجم عن المنكر؟
المسألة العاشرة: البطون الجائعة في مرضاة المولى.
المسألة الحادية عشرة: أكباد ضمئت لتشرب من الكوثر يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
المسألة الثانية عشرة: الصائمون في جلسة السحر مع رب العزة والجلال، يوم يتجلى لعباده في الثلث الأخير، فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من داعٍ فأجيبه؟
المسألة الثالثة عشرة: الصائمون يسافرون مع القرآن الكريم في رحلة ممتعة.
أما المسألة الرابعة عشرة: فهي في دقائق الإفطار روعة وجلال، يوم تأتي الشفاه إلى الطعام وتمتد الأيادي إلى فضل الله، إنها ساعة الاستجابة، وللصائم فيها دعوة لا ترد.
المسألة الخامسة عشرة: صلاة التراويح، حشد هائل من المؤمنين يحضرون جلسات الخير والسجدات التي تعتقهم من الرق والعبودية لغير الله.
المسألة السادسة عشرة: الفقراء يمدون أيديهم.
المسألة السابعة عشرة: رمضان مدرسة روحية تربوية.
تلكم أيها الفضلاء النبلاء! أيها السادة الأخيار الأبرار! أيها المستقبلون لشهر رمضان! تلكم المسائل التي نريد أن نتكلم عنها في هذا الدرس بحول الله.
يا رب هب لي بياناً أستعين به على قضاء حقوق نام قاضيها
فمر سري المعاني أن يواتيني ربي فإني ضعيف الحال واهيها