المسألة الثانية والقضية الكبرى: كيف تظهر العبادة علينا؟ وما هي عبادة الأعضاء؟ وهل تريد أن تكون عبداً لله عز وجل؟
لا بد أن تظهر عبادتك على أربعة أعضاء، ولها أعضاء أخر، ولكن أشير إليها لأهميتها:
أولاً القلب كتلة اللحم التي تحمله بين جنبيك، هو حياتك وموتك، وواجبك أمام الله أن تدخل فيه الإيمان: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} [مريم:96] وقال تعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1 - 3].
فلا بد أن تحشو قلبك بالإيمان، فإذا لم تفعل فانتظر الهلاك والدمار واللعنة والعار في الدنيا والآخرة.
الأمر الثاني: أن تجعل الإخلاص والنية الصالحة في قلبك.
الأمر الثالث: أن تملأ هذا القلب بحب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم.
أيها الإخوة: أنا أقول لكم بمنطق النقل والعقل، إن أعظم شخصية طرقت الدنيا والعالم هو محمد عليه الصلاة والسلام، والله الذي لا إله إلا هو! لا نقولها عاطفة وتعصباً، ولكن ما وطأ التراب أشرف من الرسول عليه الصلاة والسلام.
ووالله! لقد حسدتنا الأمم عليه، ويؤسفنا ويخجلنا ويحسرنا ويبكينا أن نرى في بعض البيوت شخصيات لمعت من المغنين والمغنيات، الماجنين والماجنات الداعرين والداعرات، الأحياء منهم والأموات؛ قد جعلوا عظماء.
يقولون: الفنان العظيم، والفنان في لغة العرب هو الحمار الوحشي المخطط، وهو أشبه بهذا، فكيف يكون عظيماً؟!
إن العظماء الذين ينبغي أن ترسم صورهم في القلوب وفي البيوت؛ محمد عليه الصلاة والسلام وأبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة، والزبير، وخالد، وصلاح الدين، وابن تيمية، وابن القيم.
إن عندنا من العظماء ألف عظيم وعظيم، ومن العلماء ألف عالم وعالم، ومن الأدباء ألف أديب وأديب، فكيف تركت هذه الشخصيات.
إن جلست مع بعض الشباب تراهم مغرمين بسيرة هتلر، يقرءون سيرة كفاحه، سبحان الله! قاتلكم الله ما وجدتم العجب إلا من هذا الخبيث المنتن الكلب الذي دمر العالم:
قالوا هم البشر الأعلى وما أكلوا شيئاً كما أكلوا الإنسان أو شربوا
وبعضهم يعجبه شعر شكسبير هذا الإنجليزي الفاجر الذي دعا إلى إباحية المرأة، وكشفها أمام الناس واستخدمها وقال: هي حق للجميع.
والآخر يحمل نسخة في جيبه لـ نزار قباني، هذا الداعر الخبيث المنتن الذي سوف يحاسبه الله على ما فعل، نسأل الله أن يجازيه بعدله سُبحَانَهُ وَتَعَالى.
فيا سبحان الله! يوم ترك العظماء هؤلاء وسيرهم في البيوت، وقعنا فيما وقعنا فيه.
تسأل الشاب عن سيرة أبي بكر فيحفظ سير لا تنفعه، يقول: ولد أبو بكر سنة كذا وكذا، ومات سنة كذا وكذا، وتولى الخلافة سنة كذا وكذا.
إننا -يا أيها الإخوة- إذا قرأنا السيرة فعلينا أن نقرأ السيرة التربوية، سيرة محمد صلى الله عليه وسلم.
أصبح في أذهان كثير من الشباب أن ترجمة الرسول عليه الصلاة والسلام معنى أنه إنسان يدعو إلى الله عز وجل، ويتكلم في المساجد وكان يخطب، وكان مع أصحابه يربيهم، وحضر في بدر وتبوك والخندق وأحد، وهذه ترجمة ناقصة.
رسول الله عليه الصلاة والسلام لا بد أن تأخذ أدبك منه، وحياتك منه، وضحكك منه، وبكاءك منه، وقيامك وقعودك منه، فهو حياة مستقلة وحياة كاملة، وهو تاريخ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21] وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159].