الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد، أيها الناس: {كان من هديه صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر أن يشد مئزره ويوقظ أهله ويحيى ليله} عليه الصلاة والسلام.
فهو دائبٌ في العبادة أبداً، ولكن إذا دخلت العشر اغتنمها، فهي فرصةٌ لا تعوض؛ لأن فيها ليلة هي خير من ألف شهر.
وكان عليه الصلاة والسلام يعتكف في هذه العشر الأواخر من شهر رمضان؛ فكان ينقطع عن العالم الخارجي، ويجلس مع الله في مناجاة وتبتل وذكر ودموع وخشوع؛ ليعيد لقلبه عليه الصلاة والسلام -وهو المعمور دائماً وأبداً- يعيد له أنسه المعهود، الذي ربما تغير من خلطة الناس، وكلامهم، ومن ممارسة مشاكلهم، فهذه العشر كان يعتكف فيها صلى الله عليه وسلم في مسجده؛ فلا يخرج إلا لحاجة لا بد منها.