المسألة الثانية: وقبل ذلك صدق اللجوء إلى الله، إذا ضاقت بك الضوائق فاصدق مع الله عز وجل، وقد ذكر أهل العلم قصصاً عجيبة لمن صدق اللجأ إلى الله في وقت الأزمات، والقصص في ذلك معروفة مشهورة، ذكر ابن القيم شيئاً منها في الجواب الكافي.
فلا بد من اللجوء إلى الله عز وجل بالدعاء بحرارة، ومن ذلك: قال علي بن أبي طالب: ما من أحدٍ ليلة بدر إلا نائم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي ويبكي ويدعو، ويوم اصطف الجمعان والتحم الفريقان؛ وقف عليه الصلاة والسلام بصدق اللجأ إلى الله الحي القيوم يدعو حتى سقطت بردته من على منكبيه، فأخذها أبو بكر وأعادها عليه، وقال: هون مناشدتك ربك يا رسول الله، إن الله منجز لك ما وعد، والرسول صلى الله عليه وسلم أعلم بربه، ويعلم أنه لا يأتي النصر ولا الكرامة ولا الفتح إلا بصدق اللجأ، فكان يقول: يا رب! إن تُهلِك هذه العصابة فلن تُعبَد بعد اليوم، حتى نصره الله.
وفي الغار يوم دخل مع أبي بكر كان صادقاً في اللجوء إلى الله فنجاه الله، كان الكافر يأتي فيطلع على سطح الغار حتى يقول أبو بكر: {يا رسول الله، والله لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرآنا، فيتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول: ما ظنك باثنين الله ثالثهما} ويأتون جماعات وأسراباً يريدون دخول فم الغار فيجدون بيت العنكبوت وعش الحمامة على فم الغار، فيقولون: ما دخلوا هنا!
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسج ولم تَحُم
عناية الله أغنت عن مضاعفة من الدروع وعن عالٍ من الأطَم