الأمر الثالث: مراعاة الأحوال:
فوضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى
فقد كانت وصاياه عليه الصلاة والسلام تراعي الحال، يأتيه الرجل وعليه صفة الغضب، وعليه اكفهرار السب والشتيمة، فيعالجه صلى الله عليه وسلم بدواء يناسبه من صيدلية محمد صلى الله عليه وسلم، ويأتيه الرجل الذي انعقد كفه على البخل، فيوصيه النبي صلى الله عليه وسلم بالبذل، ويأتيه الرجل العملاق القوي البنية والإرادة، فيوصيه بالجهاد في سبيل الله، ويأتيه الشيخ الكبير المهلهل الفاني المريض فيوصيه بذكر الله، ويأتيه الرجل المجرم المسرف على نفسه فيحبب له باب التوبة ويفتحه على مصراعيه.
فأي رجل يعرف هذه المعرفة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك ليست هذه الميزة الثالثة لغيره من الناس، كثير من الناس يأتون للرجل منحني الظهر من العجز والكسل فيتحدثون له بالجهاد، ويأتون للمغامر المجرم فيتحدثون له عن فسحة الأمل، ويأتون للبخيل الشحيح فيتحدثون له عن فضل إمساك المال، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يعطي كل ذي حق حقه، وكل مقام مقاله.