والأمر الثاني: أن وصاياه صلى الله عليه وسلم فيها إيجاز واختصار، لا إسهاب، ولا إطناب، يقول سامعها:
بالله لفظك هذا سال من عسلٍ أم قد صببت على أفواهنا العسلا
فلذلك كانت وصاياه مختصرة عليه الصلاة والسلام، ويظن كثير من الناس أنهم إذا أوصوا وأكثروا في الكلام أمثالنا، أن في الكثرة علماً وفهماً، ولكن ماذا نفعل؟ إذا أكثر أهل الضلالات من المحاضرات ومن الكلمات والندوات، أفلا يتكلم أهل الحق بعشر معشار ما تكلم به أهل الضلالة؟!
يظن كثير من الناس أن في كثرة الوصايا، وفي طول الكلام عمد وسند وعضد للموصى، وينقل ابن الجوزي عن رجل يظن أن الدعاء وإنما هو للمسافات الطويلة، والرجل هذا أحمق، أراد السفر فاستودع الله أهله، وقال: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، فقاموا يدعون له بالعافية والسلامة والعودة والقبول، فيقول: المكان قريب يعني: السفر لا يحتاج كثرة دعاء لأن المكان قريب.