هل من الأدب أن تسأل العالم وهو قائم، والأستاذ وهو يمشي؟
كان الإمام مالك يتحرج، من ذلك وذكر عنه أنه سئل سؤالاً في الحديث فجلس.
وكان سعيد بن المسيب رحمه الله رحمة واسعة؛ أحد التابعين، بل هو من أجلَّ التابعين، كان في مرض الموت فسئل عن حديث، فقال: [[أجلسوني.
قالوا: إن ذلك يشق عليك يا أبا محمد! قال: كيف أُسأل عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع؟! فأجلسوه]].
وإبراهيم بن طهمان ذكر عنده بعض الصالحين، وهو في سكرات الموت فقال أجلسوني فأجلسوه، فقال: لا ينبغي أن يذكر عندنا الصالحون ونحن متكئون، أو كما قال.
وبالمقابل أيضاً هل من الأدب أن يسأل الطالب أستاذاً جالساً وهو واقف، بوَّب الإمام البخاري في هذه المسألة فقال: باب من سأل وهو قائم عالماً جالساً؛ وذكر الحديث فقال: {جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فقال: يا رسول الله! ما القتال في سبيل الله؟ فرفع الرسول صلى الله عليه وسلم رأسه إليه -وتأخذ من قوله: فرفع الرسول صلى الله عليه وسلم رأسه إليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً والأعرابي قائماً- فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله} وانظر إلى هذا الكلام المختصر، والكلام الموجز: هو أن يحوي لك الكلام كله اختصاراً في جملةً واحدة، وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {وأوتيت جوامع الكلم، وأوتيت فواتحه وخواتمه}.
وضرب بفصاحته عليه الصلاة والسلام المثل، وأدهش الشعراء، وأسكت الخطباء، وأدحض أهل البلاغة المناطيق من العرب، عليه الصلاة والسلام.
يقول: {من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله} هذه قاعدة، لم يقل: من قاتل من أجل نصرة الدين، أو من أجل نصرة السنة، أو حماية المقدسات، بل حواها كلها في جملة واحدة {من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله}.
إذاً لا بأس بأن يكون الطالب واقفاً والأستاذ جالساً.