الحمد لله رب العالمين، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ، ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة بحكمة، وأدى الأمانة برفق، ونصح الأمة بإخلاص، ومضى إلى الله عز وجل وقد هدى الله به قلوباً، وفتح به عيوناً، وأنار به أفئدة، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وبعد:
فأشكركم -أيها الطيبون- وأشكر من جمعني بالأخيار، وعلى رأسهم من كان له هذا الفضل في هذا اللقاء بعد الله، فضيلة الشيخ جابر بن محمد المدخلي، الأمين العام للتوعية الإسلامية، وعنوان هذه المحاضرة: أدب النصيحة في الإسلام.
أيها الشاكي وما بك داء كيف تغدو إذا غدوت عليلا
أترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى فوقه الندى إكليلا
والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئاً جميلا
أنت فينا النصوح فارفق جزاك الله خيراً فالرفق أهدى سبيلا
-النصيحة في الكتاب والسنة.
-هدي السلف في النصيحة.
-آداب النصيحة.
-الإخلاص.
-اللين.
-العمل بما يقول.
-الصبر على الأذى.
-إنزال الناس منازلهم في النصيحة.
-الإسرار بالنصيحة.
لا إله إلا الله، ما أعظم منة الله على البشرية بمحمد عليه الصلاة والسلام! بعث إليهم رحيماً رفيقاً هادياً مهدياً، ما ترك خيراً إلا دلهم عليه، ولا ترك شراً إلا حذرهم منه، كان والله أرحم من الوالدة بولدها يوم هدى الناس، ولذلك مجده الله من فوق سبع سماوات فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] عظيم خلقك، وعظيم حلمك، وعظيم برك، وعظيم صبرك، أتيت إلى أمة عربية جوفاء، ضالة ضائعة، تسجد للوثن، تزني، تخون، تغش، تشرب الخمر، الواحد منهم يرفع سيفه فيذبح أخاه كذبح الشاة، فأتى إليهم فترفق بقلوبهم قال الله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128] فدخل إلى قلوبهم بالبسمة الحانية، بالعناق، بالبشاشة، بالكلمة الطيبة، حتى قال الله له ولدعوته: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:63].
فجمع الله له القلوب، قال جرير بن عبد الله البجلي سيد بجيلة وهذا الحديث صحيح: [[ما رآني عليه الصلاة والسلام إلا تبسم في وجهي]] مع معنى ذلك؟ بسمة تشتري بها قلبه، بسمة تأسر بها روحه، بسمة تكسب بها شخصه، بسمة تهتدي بها أمة، فكان عليه الصلاة والسلام يشتري بالبسمات قلوباً.
جرير سيد من سادات قومه، ومكث عليه الصلاة والسلام يتألفه بالبسمة اليوم بعد اليوم، بالكلمة الحانية، حتى هداه الله إلى الإسلام فأصبح سيداً من السادات.
يقول جرير بن عبد الله، والحديث في الصحيحين: {بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فاشترط علي والنصح لكل مسلم.
فيقول جرير: والله الذي لا إله إلا هو، إني لكم لناصح} ذكر ابن حجر في الفتح، أن جريراً كان ناصحاً لعباد الله، اشترى فرساً بأربعمائة درهم، فقال لصاحب الفرس: بكم بعته؟ قال: بأربعمائة درهم، قال: أتريد أن تكون خمساً، قال: نعم، قال: وستاً، قال: نعم.
قال: وسبعاً، قال: نعم.
قال: وثمانياً، قال: نعم.
قال: خذ ثمان مائة فإني بايعت رسول الله عليه الصلاة والسلام على النصح لكل مسلم.