Q هنالك بعض القضايا التي تتعلق بالعالم الإسلامي: أنت تعلم أنه قد رفع علم الجهاد في هذا الزمن في كثير من المواقع في عالمنا الإسلامي، كما هو الحال في كشمير وفي الصومال، وقد سمعنا -كما سمعتم- من بعض طلاب العلم والمهتمين بالعلم تحفظاً أمام مسألة الجهاد، فماذا ترون في ذلك؟
صلى الله عليه وسلم أريد أن أذكر مسألة، وهي جديرة بأن يهتم بها وتعرض على الناس خاصة المطلعين والمؤثرين، وهي: متى يكون الجهاد جهاداً؟ ومتى تحتاج الأمة للجهاد؟
وعلى كل حال فالإعداد وارد، والله تعالى يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال:60] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى في المنافقين: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة:46].
أما ما نعيشه اليوم في واقعنا الإسلامي فإنه قد تجوِّز كثيراً في استخدام الجهاد، أو في القيام بالجهاد، وأنا لي وجهة نظر -قد تكون مصيبة أو خاطئة- وهي أن هناك أناساً من الدعاة والفضلاء الذين يقومون على كثير من الجمعيات والجماعات والطوائف الإسلامية يقومون بالجهاد وهم ما أخذوا عدته، ويواجهون قوى كبرى، وأنظمة باطشة، ولا نسبة ولا تناسب بين القوى؛ لأن الله سبحانه جعل في كتابه نسبة لا بد أن يصل إليها المسلم، فإنه سُبحَانَهُ وَتَعَالى يقول: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال:66] قال أهل العلم: الضعف بالضعفين، أو الواحد بالاثنين، أما أن يأتي مائة إلى خمسة آلاف وإلى عشرة آلاف فهذا ليس بصحيح، إنما هي مهلكة وسحق للجهود؛ أن تأتي جماعة تحمل الجهاد، وتحمل السلاح البدائي من البنادق والرشاشات والرصاص والمؤنة القليلة، ثم تواجه نظاماً يقوم على جيش مدجج بالأسلحة والطائرات والدبابات، وعنده فرق وكتائب، ويقول هؤلاء: نحن متوكلون على الله عز وجل والجهاد طريقنا هذا ليس بصحيح، وهذه إنما هي مهلكة، وقد رأيت ذلك في بعض البلدان، ووافقني على ذلك بعض الفضلاء في بعض الأشرطة والأطروحات؛ لأن هذا الأمر لا يصلح، ولا بد أن يصل المسلمون في الإعداد إلى نسبة تكون مكافئة للنسبة التي ذكرها الله تعالى.
ولذلك لما قامت بعض الحركات الإسلامية بمجابهة بعض الأنظمة سُحقت تماماً، وأدخل من أدخل السجون، وسجن الكبار، ويتم الأطفال، وعذبت النساء، فصارت مأساة حقيقة لعدم دراسة القرار، وفي كشمير شيء من هذا، ولو أن الجهاد هناك جهاد إسلامي وهو دفاع عن النفس، لكن أحياناً تأتي تجاوزات، كأن يقوم بعض الدعاة بالدعوة إلى الجهاد، وليس عنده إلا جماعة بسيطة، ثم يجابه جيشاً ضخماً فيضرب تماماً، يواجه هذا الهند، وحكومات أخرى تعاونها، وهي جيوش جرارة لا تقابلها جماعات متقطعة، فهذا عين الخطأ.
وفي الصومال أراد بعضهم أن يقوم بالجهاد ضد الحكومة، ضد علي المهدي ومن معه من العلمانية، فإن دستورهم إيطالي كما تعرفون, ويحكم عليه علماء الصومال بأنه كافر فقاموا، ولكن نصحهم العلماء في العالم الإسلامي بأنه ما أصبحتم في درجة تخولكم في رفع راية الجهاد جماعة بسيطة قوامها ثلاثمائة أو أربعمائة تواجه جيشاً عددهم مائة ألف مدججاً بالأسلحة الشرقية والغربية، ليس هذا بصحيح!
وقد طرحت الملاحظة هذه؛ لأنه يفاجأ بعض الناس الذين يأتون يطلبون مؤناً ليستعدوا للجهاد, بأن نقول: لا.
ربوا الناس وتوجهوا إلى تأصيل العلم فيهم، وادخلوا في أوساطهم، ودعوا القتال الآن.
أما ما يجري في العالم الإسلامي؛ فالحقيقة أن العالم الإسلامي في موطن دفاع الآن، وهو في مأساة لا يعلمها إلا الله عز وجل، أمثال ما يجري في البوسنة والهرسك وكشمير والصومال، وهذه لها حديث آخر.