غثائية الأمة

العشماوي: هذه دعوة طيبة، وأنا أضم صوتي إلى صوتك، لعل الله أن ينفع ويسخر بعض أصحاب رءوس الأموال من المسلمين للعمل بها فهو موضوع في الحقيقة مهم جداً، وأنا أذكر في هذه القضية رجاء جارودي أيام ما أسلم وكانت مشكلة صبرا وشاتيلا، فقد اشترى صفحة كاملة من إحدى الصحف الفرنسية، وعرض فيها قضية صبرا وشاتيلا، وتعاطف الناس معه تعاطفاً كبيراً فلو استغلت هذه الزاوية فإن لها دوراً كبيراً.

Q فضيلة الشيخ! يقولون: إن الأمة الإسلامية أمة كم لا أمة كيف، وقد تحققت فيها الغثائية التي أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم، وكأن من يقولون هذا القول يريدون أن يثبتوا أنها مسألة واقعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر بها، فما دامت واقعة فلماذا نحاول أن نصلح؟ فهل توافقون صاحب هذا القول؟

صلى الله عليه وسلم فرق بين الموافقة وبين الإنقاذ، الموافقة في الحكم ونتيجة الحكم، فأرى رأيه في أن هناك غثائية في هذه الأمة، والغثائية متحققة في مسائل وصور ونماذج والعدد الهائل من طنجة إلى نيودلهي عدد يصل إلى مليار ومائتي مليون كلهم يدعون الإسلام، ولا يؤثر هذا العدد في صنع القرار السياسي والاقتصادي والإعلامي في العالم.

بل إذا نظرنا إلى رءوس الشياطين ورءوس الطواغيت الخمسة الذين يديرون فيتو النقض في مجلس الأمن، ليس فيهم ولو دولة مسلمة لها حق الإبرام والنقض.

ويقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستشهدون وهم شهود

سياسة العالم الاقتصادية تسير كلها بالربا، وليس هناك من مسيرة ولا قرار لهذه الدول ذات الملايين المملينة أو تأثير في إطفاء نار الربا.

والطرح الإعلامي الهش على هؤلاء الملايين الذي يمارس عليهم صباح مساء وليس لهم تأثير والمآسي التي يعيشونها دون أن يوجد من بعضهم لبعض نصرة، والبوسنة والهرسك، والصومال، وأفغانستان، وألبانيا , والجمهوريات الإسلامية، كل هذه الدول تعيش مآسي، وبعضهم يصرخ من الظلم، ولكن لا يجد نصيراً له، وهذه هي المسألة الغثائية.

وأذكر أن أحدهم يقول:

عدد الحصى والرمل في تعدادهم فإذا حسبت وجدتهم أصفاراً

من كل مفتون على قيثارة كل وجدت بفمه بيقاراً

أو كاذباً خدع الشعور بدجلة عاش السنين بعلمه ثرثاراً

أو عالم لو مالقوه بدرهم رد النصوص وكذب الأخبارا

فأقول: الجماعة التي كانت في عهده صلى الله عليه وسلم كانت قليلة بالنسبة لأمم الأرض، ولكن سرى هذا التأثير إلى أن دوخت إمبراطوريتين كبيرتين عظيمتين وأزالتهما من الأرض، ودخل دينه صلى الله عليه وسلم ثلاثة أرباع الكرة الأرضية.

وأنا أوافق أن في الأمة غثائية في الفكر والمعتقد والسلوك والأخلاق وفي العدد، ولكن لا أوافق على النتيجة؛ لأنها توحي بالإحباط واليأس وهي محرمة، بل جعلها صاحب الطحاوية كفراً.

فقال: واليأس من روح الله كفر، والله تعالى يقول: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87].

وعلى كل حال لا ييأس العبد من روح الله أو من انتصار الإسلام، أو من العاقبة، وليعلم أن العاقبة للمتقين، وسوف يظهر دينه على الأديان، والفجر المشرق إن شاء الله لأوليائه مهما احلولك الظلام، فالفجر قريب، وقد قالت العرب: إذا اشتد الحبل انقطع.

قال تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} [الشرح:6] وسوف يكون البديل والأطروحة الحقة هو دين الله، وقد رأينا ذلك في أمور، منها: انسحاق الشيوعية بمطرقة لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ لأنها خالفت الفطرة, قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ} [الروم:30] وقال أحد العلماء في كتيب له بعنوان: (قراءة في سقوط الشيوعية) تحقق فيهم قول المولى تبارك وتعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام:110].

- اتساع رقعة الإسلام، فإنه في هذا القرن أكثر بكثير من ذي قبل، فإن المصائب والكوارث سبب للسؤال عن الإسلام والتحدث عنه، حتى كتب في جريدة الرياض كاتب أمريكي اسمه: جوزيف سيسكو وقال: إننا فهمنا من الأحداث التي وقعت: ما هو الإسلام الذي يدعو إليه محمد عليه الصلاة والسلام، فـ البوسنة والهرسك جعلت الناس يتساءلون عن هذا الحدث والأطروحة، وعن مسألة الإسلام ما هي، وقضية أفغانستان , وهذا فيه نصر بإذن الله، ولو أن ظاهره أنه مصيبة وكارثة على المسلمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015