Q جزاك الله خيراً تأذن لنا أبا عبد الله! إن شاء الله أن ندخل في بعض الأسئلة التي أثير حولها بعض الكلام: قلتم كلمة في شريط بعنوان (فر من الحزبية فرارك من الأسد) وأنا تعجبني هذه الكلمة في الحقيقة لأن فيها توظيفاً لغوياً جميلاً، وقد أحدثت لبساً عند بعض الناس، وهي قولكم -كما روي لي- (من أوجب على الناس أن يكون أحدهم سلفياً أو إخوانياً أو تبليغياً فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل) هل هذا صحيح؟
صلى الله عليه وسلم الحقيقة أن الكلمة هذه فظيعة ومخيفة، وقد وددت لو أني تركتها من الأصل، لأنه أحياناً قد يكون للإنسان مقولة، ثم يتكلف بأن يرد عنها ويعتذر حتى يثبت في المقولة، وإلا فإن المسلم لا يستنكف أن يقبل الحق أو يعود عن الباطل إذا تبين له ذلك، كما قال عمر: [[لا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس فبان لك الحق في خلافه أن تعود عنه]] وأنا قلت هذا، وسبق أن جلست مع بعض المشايخ في هذه المسألة واتصل بي بعض الإخوة، وبينت في بعض الأشرطة، لكن الذي يظهر أنه ما بان إلى الآن.
فأنا على أحد أمرين:
الأول: إما أن أوضحه ويقبل الناس توضيحي له، وإن كان أحدث لبساً فإنني أنسحب عن هذه الكلمة، ولم يحصل شيء والحمد لله، فإن انسحبت عن هذه الكلمة فلن تنسخ آية من القرآن، ولن يلغى حديث من أحاديثه عليه الصلاة والسلام؛ فإن من قضاة الإسلام من كان يقضي في المجلس ثم يسمع الدليل، فيعود فينثر القضية من أولها إلى آخرها.
فأقول: قصدي بذلك الذي يوجب على المسلم أن يكون منتمياً إلى فئة من هذه الفئات، أو جماعة من هذه الجماعات، ويجعله وجوباً عليه بحيث أنه لو ترك هذا الانتماء كان آثماً, هذا الذي أقصده, فإنه مخالف لمنهج الله عز وجل، ومثل هذا يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وأنا قلت هذا لأن ابن تيمية يقول في الفتاوى -والناس يعلمون ذلك- من أوجب على الناس أن يكون أحدهم حنبلياً أو مالكياً أو شافعياً أو حنفياً فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وهذه ثابتة عن ابن تيمية، وبعض العلماء عذرني وقال: هذه كهذه؛ لأن الأصل ألا يشرع الإنسان إلا شرع الله عز وجل: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [النحل:116].
لكن المسألة التي نوقشت فيها مسألة: من الذي أوجب على الناس هذا؟
قلت: لم يوجبه أحد, ولا يلزم من إلقاء الحكم أن يكون له أصل في الواقع، فإنه قد يلقى الحكم أحياناً وقد لا يوجد في واقع الناس مكان لتطبيق الحكم فيه، وأنا أضرب مثلاً من كتاب الله عز وجل: فقد جعل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى من شروط الرجم على الثيب الزاني أن يشهد عليه أربعة، قال بعض العلماء: لم يرد في تاريخ الإسلام؛ أنه وجدت قضية نقلت للناس أن أربعة شهدوا الفاحشة في الزنا ونقلوها للعلماء، ولم يوجد أبداً منذ أن بعث عليه الصلاة والسلام إلى الآن فالحكم ما زال في كتاب الله، ولكن تطبيقه على واقع الناس لم يوجد بعد.
فأقول: لو قال أحد هذا مرضاً وهو لم يحصل، فإنه يفعل به هكذا، وإن كانت الكلمة خشنة وأحدثت لبساً فإني أقول: العودة عنها أسلم، وأنا الآن أعلن أنه إذا كان فيها خطأ وغلط فإني أتوب إلى الله وأستغفره، وما أنا إلا مصدر من مصادر النقص التي تحتاج إلى تسديد من الله تعالى.