يقول المسلم الأول:
وليس على الأعقاب تدمى كلومنا ولكن على أقدامنا تقطر الدما
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما
رأيت في ترجمة لـ أبي الأعلى المودودي رحمه الله، المؤلف الباكستاني الشهير أنه سجن كثيراً في سجن أيوب خان، يقول أحد الشعراء وقد طرد من دولة عربية إلى ميونخ في ألمانيا
في قصيدة يقول فيها:
نفسي فدتك أبا الأعلى وهل بقيت نفسي لأفديك من أهلٍ ومن صحب
أما استحى السجن من شيخٍ ومفرقه نورٌ لغير طلاب الحق لم يشبِ
يقول: ألا يستحي السجن منك يا أبا الأعلى، تسجن وأنت في الثمانين!!
وقد قام العلماء في العالم الإسلامي وكتبوا لـ أيوب خان برقيات وأنذروه وخوفوه بالله عز وجل، فقدم عرضاً لـ أبي الأعلى وهو في السجن وقال: يا أبا الأعلى! اكتب لنا تنازلاً واعتذاراً حتى نمسك ماء وجهنا أمام العالم الإسلامي، فوصلت الورقة إلى أبي الأعلى، فشقها ورماها في السلة، وقال: إن كنتُ سجنتُ بحق فأنا أصغر من أن أعترض على الحق، وإن كنتُ سجنت بباطل، فأنا أكبر من أن أستخذي للباطل وبقي حتى أخرجه الله عز وجل.
وهذا هو عالم التضحيات، أمام المد البعثي والماركسي والنصراني واليهودي لا يثبت أحد إلا ويجعل أمامه: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر:36].
يقول الحجاج لـ سعيد بن جبير: والله لأبدلنك بالدنيا ناراً تلظى، قال: لو علمت أن ذلك إليك، لاتخذتك إلهاً.
وهذه عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله.
والله لا يبعث نبياً ولا رسولاً من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، حتى يبتليهم بالمصائب والكوارث والمحن والفتن إلى درجة أن يعلم الواحد منهم أنه لا إله إلا الله، ولا نافع ولا ضار ولا محيي ولا مميت إلا الله، ولذلك أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19].
فهذه قضيةٌ كبرى، فتجد بعض الأخيار يريد أن يدعو ولكن بشرط ألاَّ يمس، ويريد أن يدعو ولكن بشرط ألاَّ يبتلى، ويريد أن يدعو ولكن لا يهضم شيء من حقه، وهذا خلاف سنة الله عز وجل في الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.