كان ابن عباس رضي الله عنهما يقوم الليل بآية واحدة ليس إلا هي، وهي قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في سورة النساء: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [النساء:123] فيبكي حتى الصباح خوفاً من الله.
يقول تلميذه عطاء بن أبي رباح: [[والله لو رأيتم ابن عباس وعيناه - أو جفناه - كالشراكين الباليين من البكاء والله لقد رأيته يبكي وهو يقرأ قوله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [النساء:123]]].
ولذلك ذكر عنه المترجمون: أنه لما حضرته الوفاة في الطائف أُدْرِج جسدُه في أكفانه - رحمة الله على ذلك الجسد - ثم عُرِض على الصلاة، فإذا بطائر يقع على أكفانه، وسُمع هاتف يقول: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر:27 - 30].
ذُكرت هذه الحادثة في البداية والنهاية، ومعنى الآية: أن النفس تدخل في عباد الله وفي جنة الله؛ لأنها رضيت بالله رباً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وبالإسلام ديناً، فجزاؤها عند الله أن يرضى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عنها.