عقائد الناس فسدت بأسباب، من هذه الأسباب:
تقديس بعض الناس كمشايخ الصوفية، وصرف بعض العبادات لهم، واعتقاد النفع والضر منهم، أو بعض المشعوذين أو السحرة، أو الكهنة الذين صدوا عن منهج الله، عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين؛ لأنهم أعداء الرسل عليهم الصلاة والسلام.
أحد هؤلاء الصوفية وهو البوصيري يقول:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند نزول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
يقول: ألوذ بك، وأعوذ بك، شافني وعافني واغفر ذنبي، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يغفر الذنب، ولا يملك ضراً ولا نفعاً، إنما هو بشر يأتيه الوحي ويبلغ الرسالة، ويهدي الناس بإذن الله، لكن لا يملك ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً.
والصوفي الآخر يقول عند قبر الرسول عليه الصلاة والسلام:
يا رسول الله يا من ذكره في نهار الحشر رمزاً ومقاما
فأقلني عثرتي يا سيدي في اكتساب الذنب في خمسين عاما
يقول: يا رسول الله! أنا أذنبت خمسين سنة، أريد منك أن تقيلني عثرتي، وتغفر لي ذنوبي، فلا إله إلا الله كم خدشوا وجه التوحيد، وكم غيروا معالمه، وجماله وإبداعه، هذا سبب فساد العقيدة.
وعند أبي داود في السنن بسند جيد: {أن وفد عامر بن صعصعة وفدوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فجلسوا عنده، فقالوا: أنت سيدنا، وابن سيدنا، وأفضلنا فضلاً، وأطولنا طولاً، وكذا وكذا، فغضب عليه الصلاة والسلام، وقال: يا أيها الناس، قولوا بقولكم، أو ببعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان} خاف أن يطروه فيرفعوه عن منزلته، لأنه بشر قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [فصلت:6] بشر يأكل ويشرب، وينزل السوق {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان:7] فهو بشر عليه الصلاة والسلام فأراد عليه الصلاة والسلام أن يخبرهم أنه بشر.
أتاه أعرابي من الصحراء، قال: {يا رسول الله! جاع العيال، وضاع المال، وانقطع الغيث، فاستسقِ لنا الله، فإننا نستشفع بك على الله، ونستشفع بالله عليك، فقال عليه الصلاة والسلام: سبحان الله! سبحان الله! سبحان الله! ويحك! ويلك! أجعلتني لله نداً إن الله أعظم من ذلك إن شأن الله عظيم، إنه لا يستشفع به على أحد من خلقه} أصاب في قوله: نستشفع بك على الله وهو حي، وأخطأ في قوله: ونستشفع بالله عليك، لا.
لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، لأن الله أعظم وأكرم وأجل، وقطع عليه الصلاة والسلام الطرق الموصلة إلى الشرك، أو تسهيله أو إلى إماتة التوحيد في القلوب.
يقول عمر في الصحيح: {كنت في قافلة مع أناس من الصحابة، فحلفت بأبي، قال عليه الصلاة والسلام: أيها الناس، إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، قال عمر: فوالذي نفسي بيده، ما حلفت بأبي ذاكراً ولا آثراً} أذكره عن نفسي، أو آثره عن أحد، انتهى.
وجاء في السنن: {أن أعرابياً قال: ما شاء الله وشئت، فقال: بل ما شاء الله وحده، ويلك أجعلتني لله نداً!}.
فسبحان الله! ما أعظم العقيدة والتوحيد والأسماء والصفات يوم ترسخ في قلوب عباد الله!