المسألة الثالثة: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: {من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة}؟
فيه جوابان: الأول أن المعنى: من اغتسل كغسل الجنابة على أنه حذف كاف التشبيه، وهذا رأيٌ لبعض المحدثين، كما يقول الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل:88] أي تمر مراً كمر السحاب.
والقول الثاني وهو الأصوب أن معناه: من أتى أهله ثم اغتسل لرفع الجنابة عنه، وهذا القول هو الأظهر، والخلاصة أنه إذا كانت على التشبيه معناه: من اغتسل غسلاً كغسل الجنابة لا أنه اغتسل غسل الجنابة، فهذا مأجور ومشكور، يعني أن يتوضأ ثم يغتسل فيصبح غسله للجمعة كغسل الجنابة.
والرأي الثاني: من اغتسل غسلاً للجنابة، وجعله للجمعة، يعني أنه يأتي أهله يوم الجمعة ثم يغتسل للجنابة، ودليل هذا: ما جاء في السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من غسل واغتسل} قال الإمام أحمد: أي أن الرجل يأتي أهله يوم الجمعة فيغسل نفسه ويغسلها، أي يضطرهم ويحوجهم إلى الغسل وذلك أغض لطرفه وأسكن لنفسه، وأقبل لروحه إلى ربه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
وكلا المعنيين صحيح عند أهل العلم، ولا تعارض بينهما والحمد لله.