الخصيصة الأولى: الغسل يوم الجمعة؛ وقد مر الكلام عنه واختلاف أهل العلم فيه، وقلنا: إنه سنة مؤكدة.
الثانية: الطيب.
ومن لم يجد طيباً فعليه أن يتطيب من طيب أهله؛ كما قال عليه الصلاة والسلام، والعجيب أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة كان يتطيب على ما آتاه الله تعالى من طيب، وسواءً تطيب أم لم يتطيب فهو طيب، فقد جاء في حديث أم حرام بنت ملحان لما دخل عليه الصلاة والسلام ونام في بيتها، فجمعت عرقه من جبينه صلى الله عليه وسلم في قارورة وقالت: هو أطيب الطيب.
ويقول أهل العلم: كان عرقه صلى الله عليه وسلم يتحدر كالجمان -أي الدر- وكان يوجد منه الطيب سواء تطيب أم لم يتطيب.
يا خير من دفنت في القاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
والطيب من أشرف خصال الرجل، وهو زكاة للنفس ورفعة للروح وانشراح وبسطة، وورد في بعض الآثار التي لا تصح: {لو أتلف الإنسان نصف ماله أو ثلث ماله في الطيب لكان حسناً}.
ومن حرصه صلى الله عليه وسلم على الطيب أن خصص أحد الصحابة وهو نعيم ليجمر المسجد فكان يفوح من المسجد، وكانت العرب تتمادح بطيب الرائحة، يقول الأول:
رقاق النعال طيب حجزاتهم يحيون بالريحان يوم السباسب
فهم يمتدحون بطيب الرائحة وبحسنها.
الخصيصة الثالثة في هذا الحديث: الدهن.
وهل هو الدهن المعروف لدينا أم غير ذلك؟ يقول ابن حجر: الدهن إما الطيب وإما الدهن المعروف السائر.
ولكن كأن الظاهر من الحديث أنه هو الطيب.
الخصيصة الرابعة: السواك.
قال ابن القيم: له ميزة يوم الجمعة على غيره من الأيام، وقد ورد في السواك أحاديث لو جمعت لأصبحت مجلداً بتحقيقها وتخريجها وشرحها.
يقول عليه الصلاة والسلام: {السواك مرضاة للرب مطهرة للفم} كما عند النسائي وابن خزيمة، ويقول: {لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء} أو {عند كل صلاة} ويقول حذيفة: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل شاص فاه بالسواك}.
ويقول صلى الله عليه وسلم: {أكثرت عليكم في السواك} ويقول: {لقد تسوكت حتى خشيت على أسناني} فكانت أسنانه كالبرد من كثرة ما يتسوك عليه الصلاة والسلام، وخصص أحد أصحابه وهو ابن مسعود ليجتبي له سواك أراك، فكان يصعد الشجر ويأخذ له منها سواكاً.
وقد جاء في القصة: أن الريح هزت الشجرة وابن مسعود على أغصانها، كأنه عصفور من دقة جسمه، فتضاحك الصحابة، فقال صلى الله عليه وسلم: {أتعجبون من دقة ساقيه؟! إنهما في الميزان يوم القيامة أثقل من جبل أحد}.
أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
ويقول أبو الدرداء لأحد رواة الحديث من أهل العراق: أليس منكم صاحب النعلين والسواك والوساد؟
فيوم الجمعة يستحب -بل يتأكد كثيراً- أن يتسوك المسلم وأن يكثر من السواك فيه؛ لأنه مطهرة للفم مرضاة للرب، وعدد ابن القيم من فوائده ما يقارب اثنين وثلاثين فائدة، وابن حجر يوافق على ثمانية عشرة، وأما بعضها فمحتمل وليس ظاهراً.
ومن الخصائص كذلك: غسل الرأس، فإن غسل الرأس عند أهل العلم شيء وغسل البدن شيء آخر، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة: {حق على كل مسلم أن يغتسل في الأسبوع مرة يغسل فيها رأسه وبدنه} ففصل صلى الله عليه وسلم بين الرأس والبدن، ولو قال: يغسل جسمه.
لاحتمل دخول الرأس فيه، ولكن أكده صلى الله عليه وسلم بغسل الرأس.
فمن الميز أن يغسل المسلم يوم الجمعة رأسه، وأقل الغسل عند المسلم مرة في الأسبوع.
الخصيصة السادسة: تنظيف الشعر وتقليم الأظافر؛ وهو يشمل شعر الجسم الذي يؤخذ إلا اللحية فإن أخذها حرام، لكن كالشارب وغيره من فضلات الجسم فإنها تؤخذ، وتقلم الأظافر، ولا أعلم أنه يصح حديث في أخذها يوم الجمعة أو يوم الخميس؛ لأن فيها حديثين ضعيفين؛ حديث يوم الجمعة وهو حديث سفيان الثوري، وحديث يوم الخميس، وكلاهما ضعيف، ومن اطلع على صحة حديث منهما فليفدنا.
يقول أنس في التوقيت لأخذ الشعر: {وقت لنا أربعين ليلة في أخذ الشعر} ولكن هذا هو الحد الأعلى للأخذ، فإنه يتنزل حتى يأخذ بعض الناس في كل جمعة.
الخصيصة السابعة: لبس الجديد.
وقد مر، ويأتي حديث عمر أنه قال للرسول صلى الله عليه وسلم: {يا رسول الله، خذ هذه الحلة السيراء تلبسها للجمعة والوفود}.
وقال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31] فالزينة هي أحسن ما يلبس المؤمن لبيت الله عز وجل، ولحضور الجمعة التي هي عيد المسلمين.