لما عاد الرسول صلى الله عليه وسلم من معركة بدر منتصراً، متواضعاً لله عز وجل، وقد قدم قرباناً إلى الله سبعين من كفار قريش؛ لأنهم عارضوا الله عز وجل وخالفوا أمره، فعاد إلى المدينة المنورة عاصمة الإسلام، وسكن فيها ما يقارب سنة، ولكن كفار قريش ما أعجبهم هذا، وبقيت حرارة الهزيمة تعمل في قلوبهم يوم كان العربي بلا دين، يغضب لعرضه، ويغضب لماله، ويغضب لدوره فحسب، فقل لي بالله: أي عربي معه دين يدعي أنه ديِّن ثم لا يغضب لماله ولا لأرضه ولا لعرضه؟!
يأتي أبو سفيان ليعلن المعركة والحرب مرة ثانية على الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، ويتوجه بجيش قوامه ثلاثة آلاف، قلوبهم تغلي من الحقد والمرارة والأسى واللوعة على أقاربهم الذين قتلوا في معركة بدر.
ولم يعلم عليه الصلاة والسلام بالجيش إلا عندما طوق المدينة، ونزل تجاه جبل أحد المعروف، وشاك الجيش برماحه وبسيوفه أطراف المدينة، وأصبح أبو سفيان في مركز قوة يهدد عاصمة الإسلام، عاصمة رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، كلما خرجت سارحة من إبل أو بقر أو غنم أخذها أبو سفيان، وكلما خرجت امرأة سباها، وكلما رأى رجلاً من المهاجرين والأنصار آذاه بسب أو شتم أو ضرب، فأصبحت المدينة تعيش في مأساة وفي خوف ورعب.