القضية الأولى: أن تعيش معه في السيرة، بأن تعرف سيرته وحياته، فهي معرفة جليلة وجميلة ولا أعلم فيها كتاباً أحسن من كتاب زاد المعاد لـ ابن القيم، يقول أبو الحسن الندوي: ما دَبَّجَت كفُّ مسلمٍ أفضل من زاد المعاد.
فأنصحُ نفسي وإياكم باقتناء مثل هذه الكتب، فخذوا هذا الكتاب أو كتاباً آخر في السيرة كـ سيرة ابن هشام، وأجلُّها زاد المعاد، لـ ابن القيم تستصحبونه معكم وتقرءونه وتتدبرون ما فيه، علَّكم أن تعرفوا محمداً صلى الله عليه وسلم وحياته، وعلَّكم أن تعرفوا هذا الإنسان العظيم الذي زكاه الله من فوق سبع سماوات فقال فيه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].
وقراءة السيرة ليست للتسلية ولا للسمر، لكن لنقتدي به صلى الله عليه وسلم؛ فإنه قد ورد في الحديث: {والله لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي إلا أدخله الله النار} ووالله لا يسمع بالرسول صلى الله عليه وسلم سامع ثم لا يقتدي به ولا يسلك مسلكه إلا دخل النار.
يا مدَّعٍ حب طه لا تخالفه فالخلف يحرم في دنيا المحبينا
أراك تأخذ شيئاً من شريعته وتترك البعض تدويناً وتهوينا
خذها جميعاً تجد خيراً تفوز به أو فاطَّرحها وخذ عنه الشياطينا
فالواجب أن تأخذ كل صغيرة وكبيرة أتى بها محمد صلى الله عليه وسلم فتحكمه في نفسك، قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:65].
كان محمد عليه الصلاة والسلام يصلي، فأنت يجب عليك أن تصلي مثلما صلى عليه الصلاة والسلام، يقول صلى الله عليه وسلم: {صلوا كما رأيتموني أصلي} كيف ندعي أننا طلبة علم ولا نعرف كيف كان يصلي صلى الله عليه وسلم؟! صحيحٌ أننا أجَدْنا علم الدنيا، فعرفنا وأتْقَنَّا علوم الجغرافيا والتاريخ والتربية، لكن علم السيرة وعلم الأثر والحديث لم نُجِدْه كما ينبغي وعلينا أن نعلم كيف كان يشرب، وكيف كان يأكل.
وأوصي الأساتذة والمربين والموجهين أن يتقوا الله في شباب المسلمين، وأن يتقوا الله في هذا الفلذات التي عُرِضت أمامهم على كراسي الدراسة، بأن يمنحوها ويحضروا لها علماً نافعاً، وأن يخلصوا لله عز وجل، ولا يكن هَمُّ الأستاذ أن يُنْهِي الخمسَ والأربعين الدقيقة ثم يخرج من الفصل ويعتبرها وظيفة، لا.
والله ليسألنه الله يوم القيامة عن هؤلاء، وليسألنه ماذا فعل بهم، وليسألنه في هذا المرتب الذي قبضه، وهذه الأكباد والوجوه والقلوب ماذا فعل بهم.
وأوصي نفسي وهؤلاء الشباب أن يتقوا الله في أيامهم وفي جلوسهم على مقاعد الدراسة، وأن يستفيدوا العلم من أساتذتهم، وأن يحترموهم ويوقروهم لأنهم يهدونهم إلى الصراط المستقيم إن شاء الله.