كان عثمان وهو خليفة رضي الله عنه وأرضاه، يجلس من صلاة الفجر فيفتح مصحفه حتى الظهر، فيقول له الصحابة: لو رفقت بنفسك يا أمير المؤمنين! قال: [[والله لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من القرآن]] وكان يصلي الليل في ركعة بسندٍ صحيح عند المروزي وغيره، وذكره ابن حجر، أنه صلَّى الليل كله بركعةٍ واحدة، قرأ في الركعة القرآن كاملاً، ولما قتل بكته الأمة، حتى يقول حسان:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحاً وقرآنا
هذا وهو خليفة، وهو مسئول عن الأمة، وأمور الأمة تدبر تحت يديه، فلم يشغله شاغلٌ عن القرآن، حتى أن ابن عباس وهو يقرأ قوله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر:9].
بكى وقال: [[ذلك عثمان بن عفان]] يأخذ المسلم من هذا ألا يشغله شاغل عن كتاب الله، ولا يصدنه صاد، بل عليه أن يعيش حياة المسلمين إن كان يريد الحياة والسعادة في الدنيا والآخرة، وكثيرٌ من القلوب، نعوذ بالله، ونبرأ إلى الله، ونستعين بالله، من أن تكون قلوبنا كقلوبهم؛ هجروا القرآن، وأعرضوا عنه، واستبدلوه بكتبٍ خليعة، أو أغانٍ ماجنة، أو سخفٍ ألفه البشر قدموه هدماً للأمة، فيا ويلهم في الدنيا، لن يجد حلاوة الإيمان ولا طعم السعادة، ويا ويلهم في الآخرة، بل المسلم أحب ما لديه القرآن يتمتع بسماعه.