الوسيلة الأولى: التأليف والكتابة؛ وهي على ثلاثة أقسام:
الرسائل، والردود، والمصنفات الكبار.
وهذه الوسيلة التي استخدمها ابن تيمية في الدعوة؛ هي أكبر وسيلة نفذ بها حتى بلغ بها هذا العصر، ونفع بها أهل هذا العصر.
فالرسائل: إما أن يسأل عن قضية فيجيب عليها -رحمه الله- كـ الحموية لأهل حماة، والواسطية لأهل واسط، والتدمرية لأهل تدمر، فيرسل الرسائل للناس، ينفعهم ويفيدهم، ويقودهم إلى الله عزوجل.
ويقول في مقدمة اقتضاء الصراط المستقيم: سألني بعض الإخوة أن أؤلف لهم كتاباً يبين هذه المسائل فأجبت سؤالهم.
أما الردود: فكان -دائماً- مشغولاً بالرد على الأفكار التي تجتاح أصول الدين وتؤثر فيها، فكتابه الصارم المسلول سببه أنه سمع أن نصرانياً يشتم الرسول صلى الله عليه وسلم، فذهب إلى السلطان فشكا النصراني، فشهد العوام الحمقى للنصراني على ابن تيمية!
نصراني، وشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكاه ابن تيمية عند سلطان المسلمين، فأتى العوام فقالوا: لا.
الحق مع النصراني والخطأ مع ابن تيمية!! فأتى السلطان وجلد ابن تيمية في المجلس؛ لكن:
إن كان سركمُ ما قال حاسدنا فما لجرحٍ إذا أرضاكمُ ألمُ
فما دام الجلد في ذات الله فأهلاً به وسهلاً.
فخرج مغضباً من المجلس، وكتب الصارم المسلول على شاتم الرسول، وقد أبدع في هذا الكتاب أيما إبداع، ونزل فيه على اليهود والنصارى بحكمةٍ وأناةٍ ودليل.
ومن الردود: الرد على الأخنائي، وهو مالكي، رد عليه في مسألة الزيارة، ورد على السبكي كذلك في الزيارة؛ وهو في الفتاوى، لكن كتاب الرد على الأخنائي مستقل.
ومنهاج السنة رد به على الشيعة، يقول في أوله: يقول عامر الشعبي: قاتل الله الشيعة، لو كانوا من الطيور كانوا رخماً، ولو كانوا من الوحوش كانوا حُمُراً.
ويقول: هم من أجهل الناس في المنقولات، ومن أضلهم في المعقولات حشفاً وسوء كيلة.
أما المصنفات الكبار: فقد ألف درء تعارض العقل والنقل؛ وهذا الكتاب من يفهمه فهو من أذكى أذكياء العالم.
يقول ابن القيم: ما طرق العالم مثل هذا الكتاب بعد كتاب الله عزوجل والسنة المطهرة، وقد رد في أوله على الرازي وقال: قال الرازي: عند تعارض الدليلين المتضادين (العقل والنقل) إما أن نقدم العقل، وإما أن نقدم النقل، وإما أن نبطلهما، وإما أن نعمل بهما؛ فقال شيخ الإسلام: لا تعارض بينهما، وألف هذا الكتاب.