وفاة أبي ذر

طالت الحياة بـ أبي ذر، وبقي في الصحراء قائماً صائماً مصلياً، وحضرته سكرات الموت بعيداً عن قومه، بعيداً عن الصحابة، بعيداً عن الجيران والخلان والأصدقاء [[بكت عليه امرأته وقالت: يا أبا ذر! بعد صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام وصحبة أبي بكر وعمر والصحابة تموت هنا وحدك، قال: لا تبكي عليَّ فقد أخبرني خليلي: أني أعيش وحدي، وأموت وحدي وأحشر وحدي، قالت: وأين الدنيا؟ قال: معي هذه الشملة وهذه القصعة وهذا البيت، فإذا مت فاغسلوني ثم كفنوني في هذا الثوب، ثم اجعلوني على قارعة الطريق فسوف يأتي موكب من المؤمنين يصلون علي ويدفنونني]].

كان في طريق الصحراء لا يعلم بموته إلا الله، وكان يقول له عليه الصلاة والسلام وهو يضرب على كتفيه: {إن منكم من يموت في خلاء من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين} فغسلته زوجته وكفنته في ثوبه وطيبته -طيب الله ثراه وأنفاسه وأيامه- وأخذته هي وبنتها وجعلته على قارعة الطريق.

علو في الحياة وفي الممات بحق أنت إحدى المعجزات

لعظمك في النفوس تبيت ترعى بحراس وحفاظ تقات

وتوقد حولك النيران ليلاً كذلك كنت أيام الحياة

فعرضوه في الطريق وفي الضحى، وإذا بـ ابن مسعود عالم الصحابة يأتي من العراق معتمراً ومعه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، فيرى جنازة معروضة انتقل صاحبها إلى الله، وذهبت الروح إلى الملأ الأعلى، فقفز من على ناقته وهو يقول: "وا أبا ذراه! "وا حبيباه! "واخليلاه! صدق رسول الله.

فماذا كان يفعل ابن مسعود؟

هل يحفر التراب ويدفن الرجل ويكفي هذا الوداع!! أين الصحبة؟

أين الأيام الجميلة الغالية التي عاشها مع أبي ذر.

أولاً: أتى إلى الكفن ثم حل عقده عن أبي ذر ثم كشف وجهه فكأنه القمر ليلة البدر، ثم أخذ يقبله والدموع تهراق على وجه أبي ذر، ثم مر الصحابة يقبلون ثم صلوا عليه، ثم دفنوه قال الله: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام:62].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015