الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً، وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، وأشرف الصلاة وأتم التسليم على البشير النذير.
من هو الباحث عن الحقيقة؟
إنه الذي يقصده الشاعر المسلم وهو يتكلم عن هذا الرجل الذي سوف أتكلم عنه هذا اليوم وهو يقول:
أركبوني نزلت أركب عزمي أنزلوني ركبت في الحق نفسا
أطرد الموت مقدماً فيولي والمنايا أجتاحها وهي نعسى
قد بكت غربتي الرمال وقالت يا أبا ذر لا تخف وتأسا
قال لا خوف لم أزل في شباب من يقيني ما مت حتى أدسا
إذاًَ هو أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه رضواناً يلحق به في جنات النعيم- كان يسكن البادية معه جمله وغنمه، يضرب في صحراء الدهناء وسط جزيرة العرب، لم يقرأ حرفا، ً ولم يقتن كتاباً، ولم يحمل قلما، ً ولكن الله إذا أراد أن يهدي هدى، وإذا أراد أن يضل أضل، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وصرخ عليه الصلاة والسلام بـ"لا إله إلا الله محمد رسول الله" وأبو لهب وأبو طالب عند الصفا لكن ما سمعوا قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان:44].
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية:23].