وقد ذهب الزوج الحكيم إلى الوالد -هذا زوجها يعني تستهتر به- إلى الوالد الرحوم العطوف، يشكو عليه، فوقع الفأس في الرأس، ثم قال والدي له: هذا طبعها لسانها طويل، بذيء، تعال بها عندي لأربيها، أمها ما ربتها، وهذا من أمها، وأنتَ دللتها، وأنتَ خربتها، وما هو بغريب، أمها عملت هذا بي من قبل الخ؟!!
قالت: وأنا أصبر على الزوج، وأدعوه إلى الهداية، وأتحمل الضرب منه والأسى؛ لأنه إذا أعادني إلى والدي، كان والدي أدهى وأمر -تصوروا المعاناة، هذه في بلاد الإسلام-
قالت: ومن ورائه، من بيته ورفاقه السيئين ووالده يملأ رأسه، ويحاول معي، ولكن إذا تركتُ زوجي ماذا أفعل؟! ولمن أذهب؟! أخيراً بعد ما كان الزوج كالعسل المصفَّى، بالنسبة لما سوف أحصله، وإلا فهو كالزقوم أصبح كالمهل يغلي في البطون، كغلي الحميم.
حتى والله صار يكرهني ويفعل ويرتكب المعاصي ليغضبني، ويضيع ما عندي من دين، كي أَفّرَ وأهرب، فإذا قلت: اتقِ الله فيَّ، قال: إذا أعجبكِ أو اطلبي الطلاق، وطلبت الطلاق، فقال: ردي إليَّ مهري، وما مهر له عندي، لقد أذهب شبابي، وصبوتي وبيتي، وخلقي، وحيائي، وقد أسهرني وأزعجني فجمعت من هنا، واستدنت من هناك، ورددت إليه مهره، لا حرمه الله جمرة في جهنم!
فأيّ مهرٍ له؟! وأيّ حق له؟! بعد هذه الأيام الطويلة من الأسى واللوعة!! -ثم حذفتُ ما يقارب خمسة أسطر إلى أن تقول هي-: وحملتُ ثيابي، وهربتُ إلى منزل والدي، فشنَّ والدي عليَّ حرباً هوجاء ضروساً لا هوادة فيها، وسفهني وهددني بالقتل وبالعار، وبالشنار، فقلتُ: حسبي الله ونعم الوكيل!!
والآن يخطبني هذا وذاك، فإما أن أتزوج سكيراً فاسداً، أو عجوزاً في الثمانين، أو السبعين، فبالله أيُّ عدلٍ هذا؟! وأيُّ إسلامٍ هذا؟! وأيُّ رحمةٍ أو إنسانيةٍ هذه؟! إلى من أشكو؟ شكوتُ إلى الله، وبكيتٌ أدبار الصلوات، ورفعت دعائي!! فهل من الناس رحيمٌ ينقذني من هذا الوضع المأساوي الذي أعيشه؟!!
نعم.
يريد أن يزوجني من مسنٍ، قالت: إذا ذهب رجلٌ لأبي سبني وعابني، فإن لم يقتنع الرجل بهذا الكلام، أخرج له البرهان والدليل القاطع، وقال: لا تصلح جربها رجلٌ قبلك، فأفسدت عليه بيته
أنا أفسد البيوت؟! نعم، سيحطم مستقبلي فأنا قد تدمرت وعصيت، وقلت: لا للذل ولا للعبودية للخلق، هربتُ إلى أمي، وهي مطلقة، ورفضت أن أعطيه راتبي فجنَّ جنونه، -انظر الرحمة، أين معنى الصلاة؟ وأين لا إله إلا الله- ثم ذهب يشكوني إلى إدارة التعليم، ووالله ثم والله ثم والله لقد كلمني مدير التعليم في منطقتي، وقال: لقد حضر والدك وتهدد وتوعد بالويل والثبور وطلب مِنَّا فصلك، -انظر العداء، يعني حيات تفح فحيحاً، كفحيح الحيات، سمٌ زعاف، سم ثعابين، لا يفعل هذا أحدٌ بعدوه- قال: فقلنا له -قال المدير له- لا صلاحية لنا، فقال: سأذهب إلى من هو فوقكم إلى الرياض، واعلمي أنه إذا ذهب هناك حصل مراده، فإن تمكن من فصلي لم أجد دخلاً أعيش به، وأساعد أمي وإخوتي وأكف نفسي عن منة الناس ودوائر الأيام.
ثم قالت: ماذا تقول أيها الشيخ الفاضل؟!!
أليس منكم رجل رحيم؟!! ماذا ترى؟! إذا تزوجتُ شاباً فاسداً كسابقه ضاع ديني ودنياي وآخرتي، وإن تزوجتُ هذا الشيخ فأيُّ شرعٍ يجيزه هذا، فتاةٌ في الخامسة والعشرين تتزوج رجلاً في السبعين!! بالله ماذا أتزوج؟ شيبه؟!! أم كحيحه وأنينه؟!! أم حاجبيه اللذين سقطا على عينيه؟!! أم فمه الذي يكون خالياً من الأسنان؟!! لا عاطفة لا حب لا إرادة لا ميل وهل سأطيقُ هذه العيشة؟! أخشى أن أكون أضعف من ذلك فأضيع، وأنحدر في الهاوية التي أهرب منها، أتوب إلى الله من أن أعود إليها، نعم ماذا أفعل؟! ما ذنبي؟! ما جريرتي؟؟!