قوله عليه الصلاة والسلام: {يذبح عنه في اليوم السابع} فيه مسائل:
منها: أنه يجوز أن يتبرع بالذبح غير الوالد، فإذا تبرع الجار وقال: أذبح عن ابنك وأعق عنه.
قلنا: جزاك الله خيراً، ومثلك يفعل هذا.
وإذا أتى رجل محسن وقال: عندي هذه العقيقة.
قلنا: أحسنت وأجزلت زادك الله تبرعاً وخيراً.
فلا يشترط أن يكون الوالد هو الذي يعق؛ لأنه قد يكون فقيراً.
ومنها: أنه يجوز أن يُعق غيرُ المولود.
ومنها: أن وقتها لا بد أن يكون في اليوم السابع، أما قبل السابع فلم يرد في ذلك شيء، وقد أجازه بعض الفقهاء، وقالوا: يجوز في السادس والخامس، لكن هذا فيه تخوف، وهو أن يموت الولد قبل السابع، فتخسر وتذبح وتغدي الناس ثم يموت بعد الغداء، فلا كفاك مصيبة الولد، ولا مصيبة الذبائح والولائم.
وقد مر معنا كلام ابن الجوزي عن هذه المسألة.
قال صلى الله عليه وسلم: {ويسمى فيه} أي: يسمى في اليوم السابع، فلا يسمى الابن قبل اليوم السابع، لا في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث وإنما في السابع.
ولكن جاء عند أبي داود: (ويدمى) بدل (يسمى) فقالوا: وَهمَ هَمَّام في هذه الرواية فقال: يدمى بدل يسمى وقيل: كان راوٍ من الرواة ألتق -يأكل الكلام- فأتى ليقول: يسمى.
فقال: يُدمى.
والحديث يلقط مثل المغناطيس، حفظه جهابذة، كل واحد كحية الوادي، إذا سمع الكلمة لقطها.
ولكن بقي قتادة بن دعامة السدوسي على هذا القول، فقال: يدمى الابن.
قلنا له: كيف يدمى؟ قال: إذا ذبحت الذبيحة، يؤخذ من دمها بصوفة ويُجعل على بطنه ثم يدمى رأسه.
وقد قال بهذا القول ابن عمر، وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وقتادة بن دعامة السدوسي.
لكن الصحيح أن هذا خطأ ووهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم عند ابن ماجة، من حديث يزيد بن عبد الله المزني: {يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم} وهذا نص.
لكن قالوا لنا: الحديث مرسل، وصدقوا.
قال الناظم:
ومرسلٌ منه الصحابي سقط وقل غريبٌ ما روى راوٍ فقط
فـ يزيد بن عبد الله المزني تابعي، وأبوه عبد الله المزني صحابي، وهو لم يروِ عن أبيه، فانقطع السند.
لكن الأقرب -أيها الأبرار- أنه لا يدمى، والتدمية من يفعلها فقد أخطأ، وهي من أفعال الجاهلية؛ فقد ورد في السنن أن أهل الجاهلية كانوا يفعلون ذلك، ولكن لما أتى الإسلام منعهم من ذلك، وقال عليه الصلاة والسلام كما في السنن بسند حسن: {واجعلوا مكان الدم خلوقاً} وفي رواية حسنة: {زعفراناً} أو ما يقوم مقامه كالمر ونحوه من الطيب.
وقد جاء عند ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها قوله صلى الله عليه وسلم: {كانوا في الجاهلية إذا عقوا يضعون على الرأس دماً، فضعوا مكان الدم زعفراناً أو خلوقاً} والحديث صحيح.
وما معنى التسمية؟
قال: ابن أبي شيبة كما في المصنف يسمى في اليوم السابع على معنيين:
الأول: أن يسمى باسمه، كأن يقال: هذا اسمه محمد بن عبد الله بن سعيد، وهذا هو الصحيح.
الثاني: قيل: المعنى أن يسمى على الذبيحة ويقول: باسم الله وهذا ليس بصحيح، بل الصحيح أنه يسمى هو في اليوم السابع، ولا يسمى قبل ذلك.