العقيقة مشتقة من العق، وهو: القطع والشق.
يقال: عققت اللحمة أي: قطعتها، وعققت الثوب أي: شققته.
وعققت الحبل: أي قطعته.
وعق الثوب: شقه.
فهي الشق والقطع.
وهي: الذبيحة التي تذبح للمولود، ولا يصح أن تسمى تميمة كما يسميها بعض الناس بل هي عقيقة في اليوم السابع.
نفلق هاماً من رجال أعزةٍ علينا وهم كانوا أعق وأظلما
يقول: نقطع رءوساً عزيزة علينا وأقارب، لكنهم ظلمونا وجاروا علينا.
وقد استشهد بهذا البيت -كما في السير - يزيد بن معاوية لما قتل الحسين بن علي، فقد قتل في خلافة يزيد، وقد قتله عبيد الله بن زياد بن أبيه، وقد أرسل له أحد أولاد سعد بن أبي وقاص في كتيبة فقتله.
وكانت مقتلة الحسين مصيبة كما يقول ابن تيمية: ينبغي علينا إذا تذكرنا مقتل الحسين أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.
{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:156 - 157].
وذكر ابن كثير -ولا بأس بهذا الاستطراد لأنه حقيقة علمية عقدية- أن ابن عباس -رضي الله عنه وأرضاه- نام في مكة، في الوقت الذي قتل فيه الحسين في طريق العراق، فاستفاق ابن عباس وهو يبكي، فقالوا: ما لك؟ قال: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يلقط دم الحسين من الأرض ويقول: هكذا يا بن عباس! فعلت أمتي بابني هذا الفعل.
ولما أتى قتلة الحسين إلى عبيد الله بن زياد في العراق قالوا: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر أي كأنهم انتصروا.
فيقول شاعر الإسلام:
جاءوا برأسك يا بن بنت محمد متزملاً بدمائه تزميلا
ويكبرون بأن قتلت وإنما قتلوا بك التكبير والتهليلا
من الذي أتى بالتكبير والتهليل إلا أنت وجدك!
ولما أدخل رأس الحسين على عبيد الله بن زياد، أخذ ذلك المتبجح يمد صوته وعصاه على أنف الحسين ويقول: هذا خرج علينا وظلمنا، فقال له زيد بن أرقم: يا عبيد الله! ارفع عصاك، فوالله لطالما رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يقبِّل هذا الموضع ويقول: {الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا}
ولكن أنصف الله من عبيد الله بن زياد -وهي جراحات في وجه التاريخ- فقد قُطع رأسه بعد سنة، قطعه المختار بن أبي عبيد الثقفي، ووضعه في نفس المكان، ولكن لم يضع المختار عصاه كما فعل عبيد الله، بل أتى ثعبان صغير -حية- فكان يدخل في أنف عبيد الله بدل العصا، ثم يخرج -وهذا في البخاري - ثم يعود، فيقول: جاءت جاءت -أي: الحية- فيدخل في أنفه ويعود: {جَزَاءً وِفَاقاً} [النبأ:26].
إذاً: قال يزيد لما رأى رأس الحسين:
نفلق هاماً من رجال أعزةٍ علينا وهم كانوا أعق وأظلما
والله ما كان فيهم إلا السماحة والخير والبر واليسر.
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء الله قد ختموا