يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [النساء:60] يزعمون ولا يعتقدون.
فهم يتبجحون بالإسلام في المجالس والإسلام بعيد عنهم، ويتظاهرون بحب الإسلام وهم يذبحون الإسلام صباح مساء: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} [النساء:60] ولطالما سمعنا هذا الكاتب وقرأنا له، وعندي له قصاصات وملفات ووثائق.
ماذا يريد؟ وكيف ينفث؟ وإلى أي حد سوف يصل إذا ترك له الميدان؟
إنه خطير على الإسلام والمسلمين، وخطير على القبلة: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} [النساء:60] لأن الشيطان يتولاهم صباح مساء.
يقول أحد العلمانيين القدامى:
وكنت امرءاً من جند إبليس فارتقى بي الحال حتى صار إبليس من جندي!
يقول: كنت جندياً مع الشيطان، فتطورت في المراتب حتى صرت أدير الشيطان وأذنابه.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ} [النساء:61] تعالوا إلى القبلة والقرآن، وإلى صحيح البخاري وصحيح مسلم، وإلى المبادئ {رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} [النساء:61] عجباً!! {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} [النور:50] فهناك احتمالات ثلاثة:
1 - إما مرض دخيل اكتسبوه من تراثهم الذي تعلموه، ومن مائهم الذي شربوه، ومن جلبابهم الذي لبسوه، مرض وحقد على الإسلام وعداء لأولياء الله.
2 - أم ارتابوا: أم شكوا في مصداقية الرسالة ومصداقية الرسول عليه الصلاة والسلام.
3 - أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله: أم يظنون أن الله لا يريد بهم خيراً يوم أنزل لهم شريعة، ولا يريد بهم نصراً يوم أعطاهم مبادئاً، ولا يريد بهم فلاحاً ولا تطوراً يوم سن لهم دستوره، ويرون أن الدستور الإسلامي رمز التخلف والرجعية والواجب الانقضاض عليه، لكن بذكاء كالذئب.
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع
قال الله: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} [النساء:62] كيف إذا أُخذت رءوسهم بسيف ولي الأمر الذي يحمي رسالة التوحيد، فصلبهم بعد صلاة الجمعة وقطف رءوسهم؛ لأنهم يفسدون في الأرض ويسعون فيها خراباً، ويدمرون معالمها، ومن أعظم ما ينتظرون سيف العدل المشهور الذي أخذ رءوس قطاع الطرق والمدبرين للفتن والمروجين للجرائم، وهم أعظم من يروج للجرائم ويدبر للفتن فجدير بالسيف أن يأخذ رءوسهم.
قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً} [النساء:62] كيف إذا ابتلوا بمصيبة؟ كيف إذا أظهر الله عليهم الصف الإسلامي، ثم جاءوا يقولون: إنما أردنا بالكلام والقصائد والمنشورات إحساناً وتوفيقاً بين الأمزجة، ووالله ما أردنا إساءة، ولكن أردنا أن نتحبب للرأي العام، وأن نوافق بين المشارب والشرائح الاجتماعية.
فهل بين الإسلام والكفر إحسان وتوفيق؟
وهل بين لا إله إلا الله، ولا إله والحياة مادة، إحسان وتوفيق؟
وهل بين المسجد والخمارة إحسان وتوفيق؟
وهل بين محمد صلى الله عليه وسلم وماركس إحسان وتوفيق؟
وهل بين أبي بكر وهتلر إحسان وتوفيق؟
وهل بين عمر وصدام إحسان وتوفيق؟
أتضحكون على حال المسلمين: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} [النساء:63] حاول أن تؤثر عليهم وتردعهم قبل أن يلقوا الأمة في الهاوية، ويضربوها على أكتافها ضربة مهلكة.
يقول سيد قطب في الظلال وهو يعلق على أولئك: إنها حال مخزية حين يعودون شاعرين بما فعلوا غير قادرين على مواجهة الرسول صلى الله عليه وسلم بحقيقة دوافعهم، وفي الوقت ذاته يحلفون كاذبين أنهم ما أرادوا بالتحاكم إلى الطاغوت إلا رغبة في الإحسان والتوفيق، وهي دائماً دعوى كل من يحيدون عن الاحتكام إلى منهج الله وإلى شريعة الله.
ثم يقول: إنهم يريدون اتقاء الإشكالات والردود الاجتماعية وكلام العلماء وفتاوى الدعاة، فيتسترون بالثياب وهم ذئاب، ويلبسون العكاز وهم رأس المصائب.
إنهم يريدون اتقاء الإشكالات والمتاعب والمصاعب التي تنشأ من الاحتكام إلى غير شريعة الله، ويريدون التوفيق بين العناصر المختلفة والاتجاهات المختلفة والعقائد المختلفة فليس عندهم تمييز، ولا لهم باعٌ في الشريعة، عندهم ذكاء وبيان لكن هذا لا يكفي.
{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون:4] نفخت شموسنا غضباً علينا في هذا الوقت الحرج، أنحن أعداؤك؟!
أنحن الآن الذين يقفون ضدك؟!
أما تكلمت؟!
أما نظمت الأشعار؟!
أما لمعت؟!
أما سطعت؟!
أما صبرنا؟!
أما سكتنا؟!
أما رأينا أشعارك تنفث سماً وفجوراً وعداءً للإسلام وقلنا: من منطق الحكمة أن يناصح، ولكن:
أخي جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدى
أنتركهم يغصبون الجزيرة أرض الأبوة والسؤددا
فجرد حسامك من غمده فليس له اليوم أن يغمدا
نفخت شموسنا غضباً علينا وقد نسجت ثيابكم يدانا
وسيفك في بني الإسلام ماضٍ وجذعك بيننا أضحى متينا
تغنينا وتسخر إن عثرنا كأنك ما دريت ولا درينا
كأنا لا نعرف المخططات، ولا الكلمات، وإننا مستعدون بلسان طلبة العلم والعلماء الحكماء الذين يعرفون التصرف وضبط النفس أن نحاورك حواراً علنياً أمام الرأي العام؛ ليثبت الصادق من الكاذب، والجاد من الهازل، والراشد من الضال.
تغنينا وتسخر إن عثرنا كأنك ما دريت وما درينا
تسرُّ إذا أصبنا بالرزايا مخادعةً وتضحك إن بكينا
توكلنا على الرحمن إنا رأينا النصر للمتوكلينا
وهل يخذل الله جنده؟!
وهل يضرب حزبه؟!
وهل يتقهقر أولياؤه؟!
وهل يعثر أنصاره؟!
بل هم الطليعة دائماً والكوكبة النيرة، لأنهم يحملون فكراً سليماً.
إننا نطالب هذا الكاتب ورموز العلمنة جميعاً أن يتوبوا إلى الله، وأن يقدروا ولاة الأمر وأن يعرفوا أن من حق ولي الأمر ألا يخالف فيما يطاع الله فيه ورسوله، وألا يعتدي على قداسة الدين، وحرمة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] ولا يسخر بأولياء الله، ولا يستهزأ بالقيم: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65 - 66].
ولعلنا نسمع منتقداً يقول: هذا ليس من الحكمة.
فما هي الحكمة بالله؟!
وكيف نفسرها؟!
وأروني الحكمة إذاً!
وأخرجوا لي الحكمة!
إذا كان هذا يتكلم أمام الملايين ويهاجم الإسلام بطريقة ملففة، ثم يقال: اسكت لا تتكلم، إن الحكمة تقتضي أن تسكت.
فهذا ليس بصحيح، وما علمنا علماؤنا ولا الكتاب ولا السنة ولا أسلافنا ولا الصحابة ولا التابعون إلا منهج الحق؛ أن نقول الحق ولا نخشى في الله لومة لائم.
أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين، وأن يردنا إليه رداً جميلاً، وأن يحفظنا ويحفظ علينا ديننا وبلادنا ومقدساتنا إنه نعم الحافظ وهو المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.