قال الله عز وجل: {قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى} [طه:19] سوف تكون لها قصة، الدعوة سوف تقام على رأس العصا، هذه العصا سوف يكون لها تاريخ، وسوف يكون لها سجل حافل، وسوف يكون لها أحداث، فألقاها باسم الله، وهو يعرفها، ودائماً هي معه يضرب بها على ضأنه، ويرعى ويتوكأ بها {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} [طه:20] سبحان الله! من حول العصا إلى ثعبان؟
يقول أهل التفسير، وهو مما ينسب إلى مجاهد وغيره، قالوا: تحولت وإذا هي حية عظيمة لها نيبان تثغر -هذا في تفسير ابن كثير - ونحن نذكره من باب {وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج} قالوا: وكان لها عينان، فأقبلت في الوادي ترقص أمام موسى، ففر عليه السلام لأنه يبصر العصا وهي حية، فماذا ينتظر منها إلا الموت، فأوحى الله إليه من فوق سبع سماوات، فقال: {وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} [القصص:31] أي: لك منا عهد وشرط ألا تأكلك الحية.
لا تخف فإنك سوف تبعث إلى فرعون الذي كان حرسه على القصر ستة وثلاثين ألفاً.
ثبت أن حرس فرعون على قصره وعلى الشرفات والنوافذ ستة وثلاثون ألف جندي، كل جندي يظن أن فرعون إله يعبد من دون الله، فلماذا تخاف من عصا انقلبت حية؟ فلا تخف إنك من الآمنين، فثبت مكانه، ثم قال له: خذها احملها بيدك سبحان الله! من الذي يأخذ الحية؟ من الذي يحمل الثعبان بيده؟ إلا من أوتي عزماً وصرامةً وشجاعةً {قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [طه:21] سوف تعود عصا، فأخذ موعود الله، وعهد الله، فتقدم إليها، فقبضها بلسانها، ثم هزها، فإذا هي عصا.
سبحان الله! الثعبان انقلب في دقائق إلى عصا، والعصا في دقائق إلى ثعبان، قدرة ظاهرة؛ ليثبت عند موسى أن الله على كل شيء قدير، وأننا معك يا موسى، وأننا نستطيع أن نفعل ما يؤيد دعوتك، إن عصاك سوف يكون لها خبر، وسوف تنتصر في المعركة مع الدجال الآثم الخبيث فرعون.