إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
وبعد شكري لله سُبحَانَهُ وَتَعَالى أن هيأ لنا هذا المجلس الطيب العامر الطاهر، أشكر القائمين على هذه الندوة، والذين بذلوا الكلمات الطيبة والجهد الطيب في سبيل نشر دين الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، ومعي في هذه الندوة سؤال يُطرح، وهو من أعظم الأسئلة التي وضعت في الدنيا منذ أنشأها الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، هذا السؤال ما استطاع أن يجيب عليه أحد حتى جاءت رسل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، فأجابت على هذا السؤال.
ومعي في هذه الندوة قضية كبرى، من أكبر القضايا التي عاشها الإنسان ويعيشها، هذه هي قضية العقيدة.
ومن المستحيلات عند عقلاء الأمم أن يعيش الإنسان بلا عقيدة، فلا بد للإنسان أن يعيش على عقيدة يعتقدها، والذين قالوا: لا إله والحياة مادة -وهم الملاحدة من الشيوعيين ومن سار على نهجهم- كذبوا العقل والنقل، وعادوا فناقضوا أنفسهم في اتخاذ عقيدة أو اتخاذ إله، فجعلوا الطبيعة هي الإله، وهذا ما نقل عنهم كـ لينين وماركس ومن سار في مسارهم في هذا الجانب.
إذاً لا بد للإنسان أن يتجه إلى معبود واحد، فرد صمد يصمد إليه، يكون هذا المعبود كاملاً حياً قيوماً فيه صفات الكمال، فمن هو هذا المعبود إذاً؟ هذا ما سوف نجيب عليه في هذا المجلس إن شاء الله.
هذا المعبود الذي نعبده وندعو الناس إلى عبادته هو الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، وطرق معرفته عز وجل خمس طرق أجملها ثم أفصلها:
الطريقة الأولى: الآيات الكونية المعروضة للبصر التي تدل على عظمته سُبحَانَهُ وَتَعَالى.
الطريقة الثانية: الآيات الشرعية القرآنية، آيات كتاب الله عز وجل، فإنها كلها تخلص التوحيد لله سُبحَانَهُ وَتَعَالى وتدعو الناس إلى عبادته وتوحيده وإفراده بالعبودية.
الطريقة الثالثة: الأحاديث النبوية، وهي أحاديث المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي أتى بأخبار الغيب وما كنا ندري ما الغيب وما نعرف إلا ما نرى، فأخبرنا أن هناك إلهاً حكيماً قديراً حياً قيوماً سُبحَانَهُ وَتَعَالى تقوم به الكائنات ويقوم بذاته عز وجل.
الطريقة الرابعة: الفطرة {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:30] فطرهم سُبحَانَهُ وَتَعَالى جميعاً موحدين مؤمنين به سُبحَانَهُ وَتَعَالى، عندما خلقهم، ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: {كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه} إذاً فالإنسان حينما ولد كان مفطوراً على الإيمان بالله عز وجل.
الطريقة الخامسة: الضرورة، والضرورة معناها أن القلب عند العقلاء لا يأله ولا يسكن ولا يطمئن إلا إلى إله معبود، ولابد من هذا سواءً كان هذا الإله حقاً أم باطلاً، وقد أسلفت أنه لا بد للإنسان من عقيدة، وهذا ما أجمع عليه العقلاء، فهذه هي الطرق الموصلة إلى معرفة الله عز وجل.
والآن أتكلم على هذه الطرق الخمس إن شاء الله بالتفصيل.