اعلموا أن من المنكرات التعامل بالربا، وذلك بالزيادة في الجنسين أو التأجيل فيهما، وعند أهل العلم الربا قسمان: ربا فضل، وربا نسيئة، فربا الفضل هي: أن تزيد في الجنس على جنسه ولو كان يداً بيد، وربا النسيئة هي: أن تؤجل الجنس بجنسه ذهباً بذهب مؤجلاً، أو أن تؤجل من غير الجنس لكن تشترط الزيادة كما سوف أوضحه، قال عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: {الذهب بالذهب، مثلاً بمثل، سواء بسواء هاءِ وَهاءَ -يعني يداً بيد- والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء هاء وهاء -يداً بيد- والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء هاء وهاء -يداً بيد- والبر بالبر مثلاً بمثل سواء بسواء -يداً بيد- الشعير بالشعير مثلاً بمثل -يداً بيد- هاء وهاء} أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
فهذه الأصناف يشترط في بيعها شرطان اثنان:
أولاً: المساواة: الذهب بالذهب لا تزد غراماً على غرام، الشعير بالشعير لا تزيد على هذا كيلة ولا وزناً على هذا.
والشرط الثاني: يداً بيد: لا يجوز أن تبيع براً ثم تأخذ قيمته براً بعد شهر أو أسبوع فهذا ربا.
وربا النسيئة من صوره ما يفعله بعض الناس في البنوك: يستودع ماله في البنك بفائدة، يحددون له الفائدة الربوية فيقول: لك عشرة بالمائة، أو يقترض من البنك الربوي فيقترض مائة ألف فيأخذون عليه عشرة آلاف ويقضيهم مائة ألف هذا ربا، قال عليه الصلاة والسلام: {لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم في الإثم سواء أو قال: هم سواء} وعند الحاكم وغيره من العلماء عن ابن مسعود من حديث يحسنه البعض قال عليه الصلاة والسلام: {الربا ثلاثة وسبعون باباً أدناها مثل أن ينكح الرجل أمه} فنعوذ بالله من الربا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:130] ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:278 - 279].
واعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم ذكر الرجل العابد: {أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء ومطعمه حرام، وملبسه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام ويقول: يا رب يا رب يا رب! فأنى يستجاب له!} كيف يستجيب الله له وماله غش؟! أوصيكم يا إخوتي! بالدخل الحلال، بأن تتأكد من مكسبك ومطعمك وملبسك ومشربك ومسكنك أن يكون دخلاً حلالاً ليتقبل الله منك، يروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لـ سعد بن أبي وقاص خاله مزعزع دولة الكفر والطغيان، دولة العمالة والضلالة دولة فارس، قال: {يا سعد! أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة}.