فالله يتابع سيرة وقصة هذا الرسول الكريم، قال تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف:20] وشرى هنا بمعنى باع، بثمن بخس، وهو: الدنيا وما فيها لو دفعت في مثل يوسف لكانت بخساً وغبناً، وخسارة {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف:20] لم يقل: موزونة بل قال: معدودة؛ لأن المعدود دائماً أقل من الموزون، فلو قال: موزونة لكانت كثيرة.
{وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف:20] أي: لا يرغبون فيه.
ومن اشتراه؟ ومن ابتاعه؟ إنه ملك مصر العزيز {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ} [يوسف:22] ولم يذكر سُبحَانَهُ وَتَعَالى العزيز باسمه لأمرين اثنين:
1/ لأن بطل القصة يوسف عليه السلام فما كان لعنصر ثانٍ أن يتدخل في القصة.
2/ ولأن كلمة العزيز لا يستحقها العزيز لأن العزيز من أعزه الله بطاعته، والشريف من دخل في عبودية الله:
ومما زادني شرفاً وفخراً وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا
فقال لامرأته: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} [يوسف:22] أي: أحسني طعامه وشرابه، ومكساه ومنامه، عسى أن ينفعنا في أغراضنا ويقرب لنا بعض حوائجنا، أو نتخذه ولداً {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} [يوسف:22] كان العزيز حصوراً لا يأتي النساء، وكانت امرأته عقيمة، فأرادا أن يتخذا هذا الغلام ولداً يترعرع في بيتهم، يهدءون ويرتاحون إليه، وهم لا يشعرون أنه لن يكون لهم ولداً وسوف يكون نبياً من الأنبياء، ورسولاً يحمل رسالة السماء إلى الأرض، وداعية إصلاح، يحرر الشعوب، ويقود الأجيال إلى الله، فكيف يباع الحر في مصر؟ وكيف يسود العبد هناك؟! أيباع الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم؟!
عجبت لـ مصر تهضم الليث حقه وتفخر بالسنور ويحك يا مصر
سلام على الدنيا سلام على الورى إذا ارتفع العصفور وانخفض النسر