من معالم دعوته عليه الصلاة والسلام: أنه كان يعمل بما يدعو إليه.
قال الله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:44].
إن من يدعو بكلام جميل وفعله فعل قبيح إنما يُكَذِّب دعوته، ولذلك لا يثق الناس في الواعظ الذي خالط الناس، ثم ماحَلَهُم في الدنيا وخاصمهم، فلا تجدهم يَقْبَلون منه، فإذا قام يعظهم يوم الجمعة، ينامون ولا يستفيدون، ويدعون عليه بعد الصلاة، فيقال: أما قال كلاماً جميلاً؟ أما أتى بقرآن وسنة؟ قالوا: بلى، أتى بقرآن وسنة، لكنكم لا تعرفون أخباره، نحن نعرف سيرته، ونعرف ترجمته، كلامه كذب، لأنه يكذبه بفعله، لا نقبل منه أبداً.
ولذلك لا يتأثرون، تجد بعض الخطباء خمسين سنة في قرية، ما استفادوا منه مسألة واحدة، بسبب أن عمله وقف عائقاً في طريق القبول منه والاستفادة، يريدون أن يستفيدوا ويسمعوا، لكن يتذكرون أفاعيله.
أحد الوعاظ بكى على المنبر، فيقول أحد الجماعة بعدما خرج: "لا تصدقوه في البكاء، والله ما بكى إلا على الأراضي التي أُخِذَت منه"، ويقرءون حياته، ويرون كلامه بعمله.