وكان من أجداد المذهب الباطني، الزنديق أبو العلاء المعري الشاعر الفيلسوف المحسوب على الإسلام، الذي امتهن دين الله، وضحك على شريعته، واستهزأ بآياته في أبياته التي يقول من ضمنها، وهو يعترض على قطع يد السارق:
يدٌ بخمس مئينِ عسجدٍ وديت ما بالها قطعت في ربع دينار
يقول: هذه اليد ديتها في الإسلام خمس من المئين العسجد الذهب -فإذا سرقت ربع دينار قطعت، فكيف تقطع؟
تناقض ما لنا إلا السكوت له ونستعيذ بمولانا من النار
يقول: هذا تناقض في دين الله.
وما التناقض إلا في عقله وقلبه يوم طبع الله عليه، وفضحه وأخزاه، فاعترض على شريعة الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ولذلك رد عليه جهابذة الإسلام، وقال أحدهم:
عز الأمانة أغلاها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري
وقال له عبد الوهاب المالكي العالم الكبير وهو يحاكمه عند الله، ويقول له:
قل للمعري عار أيما عار جهل الفتى وهو عن ثوب التقى عاري
لا تقدحن بنود الشرع عن شبهٍ شرائع الدين لم تُقدح بأشعار
فابتلاه الله بعمى القلب والبصر وأخزاه الله، حتى قال المؤرخون: ما دفن أبو العلاء ووضع في قبره إلا والتقمت لسانه حية لها ذنبان اثنان كما قال ابن كثير وغيره، وهذا خزي الدنيا، وللآخرة أشد خزياً وعاراً ونكالاً.