يدخل موسى عليه السلام على الرعديد الملحد المنتن فرعون، وهو يدعي الألوهية، ويقول: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص:38] {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف:51] قال ابن عباس كما روى ذلك ابن عساكر في قوله تعالى: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} [النازعات:25] قال: [[نكال الكلمة الأولى والكلمة الثانية فدهدهه في البحر]] يقول فرعون: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف:51] فكما أجراها الله من تحتك يجريها من فوق رأسك وقد فعل.
لقد ذهب الحمار بأُم عمْروٍ فلا رجعت ولا رجع الحمار
موسى عليه السلام يدخل عليه، فماذا سوف يكلمه؟ لن ينازله حتى يقول لا إله إلا الله، فالمسألة مسألة إيمان وكفر مسألة عقيدة تنزل في الساحة، أو كفر ينزل ويخيم في الساحة إذا لم ينزل الإيمان: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} [طه:49] اسمع إلى الطائش بدأ بالسؤال، والواجب أن يبدأ موسى عليه السلام، لكنه سفيه: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} [طه:49] لو قال موسى: الله، لقال فرعون: إنه هو الله.
ولو قال موسى: ربي الذي فوق سبع سماوات لقال: وأنا فوق كرسي.
ولو قال: الذي له مصر وغير مصر لقال: وأنا لي ملك الدنيا.
فأتى بأعجوبتين في مسألتين مختصرتين دهده بها الكافر على وجهه، {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50] لا إله إلا الله! أعطى النحلة خلقها وهي حشرة وحيوان لا تفقه، فهداها إلى خليتها أعطى الذباب خلقه فلا يغلبه غلاب من بني آدم {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50] ولم يسكت عن (هدى) لأنه هدى كل مخلوق لخلقه، فالطفل يأتي أبكم أصم أعمى فيهديه الله إلى الطعام، والنملة تعلم أنه سوف يأتي فصل الشتاء فتدخر قوتها لهذا الفصل في الصيف.