السؤال الخامس عشر: حديث: {لعن الله من غيَّر منار الأرض}؟
صلى الله عليه وسلم هذا الحديث صحيح من حديث علي رضي الله عنه، وهو حديث طويل منه: {لعن الله من غير منار الأرض، لعن الله من ادَّعى إلى غير والديه، لعن الله من آوى محدثاً} أما معنى {من غير منار الأرض} فهو الذي ينقل الحدود ويسمى في اللغة العامية -وهي تسمية خاطئة- (الوثن) بين المزرعة والمزرعة، والأرض والأرض، ومن نقلها ظلماً وعدواناً فعليه لعنة الله عز وجل.
وهذا إن دلنا على شيء فإنما يدل على تحريم الظلم ظلم الأعراض والأموال، وفي ممتلكات الناس يقول فيه عليه الصلاة والسلام: {من اقتطع مال مسلم بغير حق لقي الله، وهو عليه غضبان، قالوا: ولو كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: ولو كان قضيباً من أراك} حديث صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: {من اغتصب قيد شبر طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين من النار} وهذا الحديث راويه سعيد بن زيد بن نفيل -أحد العشرة المبشرين بالجنة- وقد وقعت عليه مصيبة، ابتلته امرأة في عهد مروان بن الحكم في المدينة قالت: هذا سرق مزرعتي -المزرعة له والبئر له والنخل له، وهو من العشرة المبشرين بالجنة ومن دعاة الإسلام والمسلمين- أتت عجوز إلى مروان تبكي قال: ما لكِ؟ قالت: أخذ مزرعتي، قال: سعيد بن زيد يأخذ مزرعتك؟! قالت: نعم.
فأتى بـ سعيد وقال: أخذت مزرعتها، قال: أنا آخذ مزرعتها، قال: نعم.
ثم قال لـ سعيد بن زيد: أعندك إثبات على أنها مزرعتك؟ قال: الناس يعرفون أنها مزرعتي، قال: اثبت، قال: لا أستطيع لأني أخذتها من قديم والناس يعرفونها لكن دعها تحلف هي، فحلفت أنها مزرعتها، قال: خذي المزرعة.
ثم قال سعيد بن زيد: لقد سمعت الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {من اغتصب قيد شبر من أرض طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين} اللهم إن كانت كاذبة فاعم بصرها، واقتلها في مزرعتها.
قال الذهبي بسند صحيح: فعميت في المزرعة، ثم ذهبت بطفلة لها فوقعت على رأسها في البئر فماتت.
ولعذاب الآخرة أخزى لمن لم يتب، وتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا.
أما والله إن الظلم شؤم وما زال المشوم هو الظلوم
إلى ديان يوم الحشر نمضي وعند الله تجتمع الخصوم
يقول ابن كثير: دخل أحد الصالحين على سلطان من السلاطين، وهذا السلطان جبار، كان يضرب الناس على وجوههم، وهذا الفعل يفعله فرعون ذو الأوتاد، ولا يفعله مسلم، فدخل على السلطان! فاقترب فقال للرجل: اقرب مني أكلمك عن مسألة؟ فاقترب فضربه على وجهه، فقال الرجل: اللهم إني لست بقوي فانتصر، ولست بمذنب فأعتذر، اللهم إني مغلوب فانتصر، اللهم اقطع يده، قال له: اعف عني، قال: لا أعفو عنك، فما مرت عليه جمعة إلا قطعت يده وعلقت بباب الإمارة في الكوفة، وهذا أمر الله وكلٌ قد يؤخر له إلا الظالم وهذا من ظلال حديث: {لعن الله من غير منار الأرض}.