والهداية يطلبها عليه الصلاة والسلام وهذا فيه إشكال عند أهل العلم، قال بعضهم: لماذا يقول عليه الصلاة والسلام: اللهم اهدني، وقد هداه الله بل هدى به:
إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا كفى بالمطايا طيب ذكراك حاديا
بل هو مهدي عليه الصلاة والسلام وهو الذي هدى الله به القلوب، ولذلك يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:52] فلماذا يقول: اللهم اهدني؟ أما اهتديت أما وصلت المنزلة العلية؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وإنما يطلب عليه الصلاة والسلام الهداية؛ لأن الهداية منازل ودرجات وأعلاها وآخرها: منزلة الوسيلة، التي يطمع صلى الله عليه وسلم أن يبلغها وسوف يبلغها بإذن الله، ولذلك نقول نحن بعد الأذان: {اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه اللهم المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد}.
فآخر ما يصل إليه هو هذه الدرجة، فهو يتمناها في كل لحظة.
وجواب ثان: أن العبد يزداد هداية كل يوم، فالرسول عليه الصلاة والسلام يطلب من الله أن يزيده هداية، فالهداية تتجزأ وهي درجات.
وجواب ثالث: أن طرق الهداية كثيرة كعدد الأنفاس، وإذا لم يهدك الله عز وجل في كل لحظة وحركة وسكنة؛ لا تهتدي، فيطلب عليه الصلاة والسلام من ربه أن يهديه وأن يزيده هداية.