كان يخطب عليه الصلاة والسلام -والحديث في صحيح البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه- كان يخطب صلى الله عليه وسلم الجمعة واندفع يتحدث في الخطبة فأتى الحسن -هذا السيد سيد الجماعة- وعمره خمس سنوات وثوبه طويل يعثر بين الصف تارة ويقوم تارة، ولا يلتفت له المصلون؛ لأنهم كلهم آذانهم للمصطفى صلى الله عليه وسلم، فنزل صلى الله عليه وسلم من على المنبر، وتخطى الصفوف، واحتضن الحسن وقبَّله ووضعه بجانبه، وقال وهو يتبسم ويلتفت إلى الجماهير: {إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين}.
فصحت نبوته عليه الصلاة والسلام فنشأ سيداً مطاعاً، فلما التقى جيش العراق مائة ألف وجيش الشام ثمانون ألفاً، والسيوف مصلتة والرماح، يريد الحسن ومعاوية الخلافة، قام الحسن فتنازل بالخلافة إلى معاوية فبيض الله وجهه.
هذا هو الحسن الذي صان الجماعة، وجمع الكلمة، وابتنى داراً عند الله عز وجل بتنازله، عن ملك الدنيا: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى:5].
كان صلى الله عليه وسلم -كما في الحديث الصحيح- والحسن على ميمنته والحسين على ميسرته فيقبِّل هذا تارة ويقبِّل هذا تارة، ويقول: {اللهم إنهما ريحانتاي من الدنيا}.
هذا الحسن بن علي رضي الله عنه وأرضاه يروي هذا الحديث وله أحاديث ملاح حسان؛ لأنه ما استمر به الحال فيروي كثيراً، وله حديث: {دع ما يريبك إلى ما لا يريبك} ويروي أيضاً هذا الحديث البديع الذي معنا هذه الليلة.