قال بعض العلماء: من العار أن تعير من كان في العار ثم تاب إلى الواحد القهار، ولذلك من الخزي والعار على الإنسان أن يعير أناساً بذنوب كانت في الجاهلية، كرجل كان يشرب الخمر وكان مشهوراً بذلك، ثم تاب وأناب وأصبح في الصف الأول في الروضة، وأصبح تالياً لكتاب الله وداعياً إلى الله، فإذا أمر أحداً قال: اسكت أنت كنت تشرب الخمر.
سبحان الله! عمر بن الخطاب كان يعبد الصنم وهو أفضل من مسلمي الكرة الأرضية في هذا الوقت كلهم
من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط
ومنهم من قتل مائة نفس وتاب الله عليه، ومنهم من غش وخان وغدر وتاب الله عليه، وسوف يأتي كلام في ذلك.
ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {المؤمن واه راقع، فسعيد من هلك على رقعة} رواه الطبراني في الكبير وفيه ضعف لأن في سنده سعيد بن خالد الخزاعي وهو ضعيف.
معنى: واه أي: يخرق دينه كالقربة، فتجد فيه ثلوماً مما لا يخلو منها أحد، يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر: لا يخلو المرء من الجروح، لكن الله الله لا تكن الجروح في الوجه.
وإلا فإن هناك معركة بين صف الشيطان، وصف الإيمان، فدائماً هناك مقاتلة حتى يأتي الموت وقد قاتلت، فاحذر أن يأتي الجرح في الوجه، أما في الجسم فلا يخلو الجرح منه، وبعض الجروح تعالج بالمرهم، وبعض الجروح لا تعالج إلا بالبتر، فاللبيب إذا شكا من جسمه مرضين داوى الأخطر، وقال: راقع: أي أنه يرقع بالاستغفار، وبالعمل الصالح والمكفرات، قال: من مات على رقعة أي: من مات وهو راقع والحمد لله فهذا السعيد، أما من مات على وهيه وعلى خرقه فهذا في خطر.
وقال عليه الصلاة والسلام فيما ذكره أهل العلم عنه: {ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم، ويل لأقماع القول، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون} رواه أحمد في المسند والبخاري في الأدب المفرد والخطيب في تاريخ بغداد، وسنده يقارب الحسن.
أما قول: {واغفروا يغفر لكم} وهو الشاهد أنه سامحوا الناس يسامح الله لكم والجزاء من جنس العمل.
وأما أقماع القول: فهم الذين يستمعون القول فكانوا كالأقماع، أو أنهم لا يستمعون ولا يدخل الكلام قلوبهم ولا يتعظون به؛ لأن المؤمنين إذا استمعوا القول اتبعوا أحسنه.
وقال ابن عباس ولا يصح مرفوعاً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: [[لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار]] والمعنى: أن صاحب الكبيرة كلما استغفر وأناب وتاب غفر الله له، وأن صاحب الصغيرة إذا أصر عليها وداوم عليها واستمر أصبحت كالكبائر تهلك صاحبها.
وورد في السنن أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصف صاحب الصغائر: بقوم ذهبوا في الخلاء فجمعوا حطباً صغيراً؛ جمع هذا عوداً وهذا عوداً ثم أججوا ناراً عظيمة.
فالصغار تجتمع على العبد حتى تهلكه والعياذ بالله!