وفي الترمذي -والسند ليس بقوي-: {ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة} ومعناه صحيح لكن سنده ليس بقوي؛ فإن العبد لو ارتكب ذنباً في يوم ثم استغفر وتاب على ألا يعود غفر الله له، ثم إن عاد فكتب عليه الذنب، ثم استغفر وتاب يغفر الله له، ثم إن عاد ثم استغفر وتاب وجزم غفر الله له وهكذا.
وليس المعنى أن يضحك على الله كما يضحك على الصبيان، ويلعب على الله كما يلعب على الولدان، فإن بعضهم يقول: أذنب ثم أتوب، فإذا غفر لي أذنبت ثم تبت ثم يغفر لي وهكذا، وهذا من ذكاء بعض الجهلة.
يروى في بعض المناطق أن بعض الجهلة في رمضان، كانوا صياماً، ومن جهلهم على الله عز وجل، وقلة فقههم في الدين أن نزل منهم اثنان في غدير، واشتد عليهم الحر في الظهيرة وهم صيام في رمضان، فنزل أحدهم وأدخل رأسه ثم أدخل جسمه، ثم لما نزل في أسفل الغدير شرب، وخرج وقال لزميله: الله لا يعرف حيل الرجال!
وروى الطبراني وفي سنده ضعف، عن عائشة قالت: قال حبيب بن الحارث يا رسول الله! إني رجل مقراف للذنوب -أي: من طبيعتي أن أقترف الذنوب- وهذا تجده في الإنسان، والله هو الذي خلق الأنفس سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، لأنه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [النجم:32] فهو أعلم بنا سبحانه.
قال: {يا رسول الله! إني رجل مقراف للذنوب.
قال: تب إلى الله.
قال: فأعود.
قال: تب إلى الله.
قال: فأعود.
قال: تب إلى الله.
قال: إلى متى يا رسول الله؟ قال: حتى يكون الشيطان هو المحسور}.
وأما حديث: {التائب من الذنب كمن لا ذنب له} فقد رواه ابن ماجة وحسنه حافظ الدنيا ابن حجر بشواهده، وشرح هذا الحديث ابن تيمية في مختصر الفتاوى وأيده وقبل الكلام، وكأنه -والله أعلم- يتحمس لمعناه، ومعناه صحيح، فإنه من تاب من الذنب فهو كمن لا ذنب له.