قبل أن أبدأ في شرح سفينة النجاة، نظمت قصيدة، وهي من آخر القصائد لحبيب قلبي عليه الصلاة والسلام، ولأعظم إنسان أتشرف به وتتشرفون به، ولأعظم رجل جمعنا من أجل مبادئه في هذا المكان، وللمعصوم عليه الصلاة والسلام الذي أرسل بالضياء وبالنور، والذي أسجدنا لله وعبدنا لربنا سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، عنوان القصيدة: تاريخنا أنت، قلت فيها:
من أجل عينيك يروى الشعر والزجل ناديت فيك رجال الصيد يا رجل
عساك ترضى وكل الناس غاضبة فدتك هامات من شيكت له الحلل
عيب لغيرك أبياتي أرصعها وخيبة إن سرت في غيرك السبل
وبسمة منك تكفيني وواطربي فما أبالي أجاد الناس أم بخلوا
نشيدة أنا في كف الهوى نسجت من لحن داود في الأحشاء تشتعل
دم ودمع وأحلام مسهدة وأنهر من هيام في الهوى عسل
ذقت الصبابة في كأس الهوى عجلاً للعاشقين فصاحت مقلتي بجل
طرحت في عتبات الغار ملحمتي والغار يعرف من حلوه وارتحلوا
غار الهدى وعيون الدهر رانية تغازل الفجر طاب الحب والغزل
غار وفي مقلتيه كل أمنية أملودة تتهادى عندها الأسل
فالليل فجر وآيات الهدى حلل والمشرفية عند الغار ترتجل
واللوح يروي أحاديثاً مرتلة والبيد تسجع في أسماعها الحجل
نعم أنا الغار في أرجائه ولدت عقيدتي وشبابي فيه مكتمل
فيه اليتيم أبو الأيتام مرتجف والوحي يهتف والأملاك ترتجل
اقرأ ولو كنت أمياً فمحبرة في راحتيك مداد النور ينهمل
اقرأ ودفترك الدنيا وما حملت واكتب على هامة الصحرا: أنا الأمل
اقرأ وأوراقك الأجيال قاطبة أوراق غيرك يمحوها إذا غسلوا
اقرأ وأصحابك الأقلام خط بهم وثيقة النصر يروي متنها الأزل
هرقت في الغار كأس النوم فاغتسلت بك الدياجي وقام الليل يرتجل
وصغت صوت الهدى يسري فراعده يزلزل البغي والأصنام تقتتل
والمشرفيات في غار المنى صقلت بكف خالد لم يفلل لها نفل
أسقيتها من سلاف النور وانتضيت باسم الهدى وعليها الموت منسدل
جردتها في هوى بدر يلاعبها عشاقها من كرام فيه قد قتلوا
تراقصت أنفس الكفار من جزع يوم الكريهة والطغيان مبتذل
أعداؤك الفدم شادوا الأرض من ذهب وفي صحاف من الإبريز قد أكلوا
متّ ودرعك مرهون على شظف من الشعير وأبقى رهنك الأجل
لأن فيك حديث اليتم أعذبه حتى دعيت أبا الأيتام يا بطل
تاريخنا أنت لا نرضى به بدلاً لو أن تاريخ أمجاد الورى بدل
ومنك صحوتنا الكبرى متوجة بصوتك العذب يحدى السادة النبل
صلت عليك دموع الحب في لهف وعانقتك شفاه الروح والقبل
وباكرتك تحيات معطرة في نفحة من عليل المسك تحتفل
كأن زاكيها أنفاسك ائتلفت في الطيب من طيبك المأهول يتصل
تغدو إلى طيبة الآمال سافرة يغني عن الكحل في أجفانها الكحل
إلى رياضك في قبر ثويت به فيه الهداية والتاريخ والدول
بكر القوافي أساحت دمعها خجلاً تشكو إلى الله هذا الجيل ما فعلوا
جيل أماتوا أمانيهم فما نظرت إلى رحاب العلا الأجفان والمقل
عدوهم سير الأضواء في فلك له عطارد والمريخ أو زحل
بساطه الريح والأمواج تحمله فسل أبوللّو حصان تلك أم جمل
ونحن من نحن إلا أنت ما فعلت يا أحمدي أمة أودى بها الخلل