وكان صلى الله عليه وسلم يُسمي النساء بأسمائهن، وكان الصحابة يتداولون أسماء نساء الصحابة وبناتهم وأخواتهم، لأنها مادامت أنها شريفة وعفيفة وطاهرة وجزءاً من المجتمع، فلماذا تكني وترمز لنا رموزاً وتلفف لنا الأسماء؟ وبعضهم يقول: مَكْلَفْ صانكم الله، مَكْلَفْ أكرمكم الله، وهذا لا يقوله إلا السفهاء الحقراء الذين لا يفقهون شيئاًَ.
في الصحيحين: {أن زينب امرأة ابن مسعود استأذنت على الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان بلال بالباب، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: من بالباب؟ قال بلال: زينب يا رسول الله! قال: أي الزيانب؟ -لأن الزيانب في المدينة كن كثيرات - قال: امرأة ابن مسعود، قال: فأذن لها}.
وفي الصحيحين: {أن أم هانئ أخت علي بن أبي طالب استأذنت، فقال صلى الله عليه وسلم: من؟ قالت: أم هانئ، قال: مرحباً بـ أم هانئ} فأجارت ابن هبيرة فأجاره صلى الله عليه وسلم.
ونحن نعرف قائمة من نساء الصحابة، نعرف اسم امرأة أبي بكر، وامرأة عمر وامرأة عثمان، وامرأة علي، والعشرة، وأهل بدر وشعراء الصحابة، لكن لما طال الأمد أنف بعض الناس أن يذكر الأسماء، ورأوا أنها من الحرج، وأنه إذا ذكر اسماً إنما يذكر أموراً أخرى، وهذا خطأ لا يصح، بل نذكرها شرفاً، والله قد ذكر في القرآن أسماء نساء، ولله الحمد والشكر!
يقولون: كانت امرأة أبي جعفر المنصور أو المهدي اسمها الخيزران، فدخل أحدهم وبيده عصا من خيزران -التي تصنع منها الرماح- فقال الخليفة وحوله الأمراء والوزراء والعلماء: من أي الشجر صنعت هذه العصا؟
فخشي أن يقول: من الخيزران، فيعرض بامرأته قال: من عروق الرماح، قال له: الخليفة بيض الله وجهك! وهذا جميلٌ ورأي طيب في مثل هذا، وأنا أؤيد مثل هذا الجواب الصحيح لأمرٍ ما؛ لأنه لو قال صنعت العصا من الخيزران لتبسم بعض الناس وأحرج الخليفة؛ لأن الخيزران في البيت!!!