وكان صناديد العرب ينسب الواحد منهم لأمه ليزداد شرفاً وفخراً، فصفتها أنها عفيفة وشريفة وأنها محترمة وهو جرير:
فما كعب بن مامة وابن سعدى بأجود منك يا عمر الجوادا
تعود صالح الأخلاق إني رأيت المرء يلزم ما استعادا
عليكم ذا الندى عمر بن ليلى جواداً سابقاً ورث النجادا
فـ عمر بن ليلى هو عمر بن عبد العزيز، وكان يرتاح إذا قالوا له: ابن ليلى، وكان عثمان رضي الله عنه يرتاح بمجالسه إذا قالوا: يا بن أروى، ودخل النابغة الذبياني على النعمان بن المنذر فمدحه في القصر أمام الناس، وأثنى عليه وعلى حكومته في المناذرة وهم ملوك العرب وقال:-
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلولٌ من قراع الكتائبِ
تخيرن من أزمان يوم حليمة إلى اليوم قد جربن كل التجاربِ
يقول: من عهد جدتكم حليمة، وسيوفكم تقطر دماً من أعدائكم، فارتاح الملك واستعاد البيت وأعطاه جائزة.
فلا حرج من عليك أن تتكنى بابنتك، وأن تتشرف بهذا.
وكان قطري بن الفجاءة اسمه أبو نعامة باسم بنته، وقيل: باسم فرسه، والصحيح أن ابنته اسمها نعامة، فكان إذا حمي الوطيس خلع خوذته من رأسه، وقال: أنا أبو نعامة، وهو الذي يقول قصيدته الرائعة الشائقة ولو أنه كان خارجياً جلداً صلباً لكني أذكره لقصيدته يقول:
أقول لها وقد طارت شعاعاً من الأبطال ويحك لن تراعي
فإنك لو سألت بقاء يومٍ على الأجل الذي لك لم تطاعي
فصبراً في مجال الموت صبراً فما نيل الخلود بمستطاع