التعصب لشخص أو لمنهج سبب للخلاف

السبب الرابع من أسباب الاختلاف: التعصب للأشخاص والمناهج، بعض الناس إذا أحب شخصاً تولع به، مثلاً: بعض الناس يسمونه مجنون أبي حنيفة، عالم توفي قبل فترة يسمونه مجنون أبي حنيفة، كلما جئته قال أبو حنيفة وخالف أبو حنيفة فلان قال: من خالفه فقد أخطأ (قاعدة على طول الخط) وأبو حنيفة ليس معصوماً، نعم إنه عالم جليل فاضل نحبه ونتقرب إلى الله بحبه، لكن ليس معصوماً، فتجد بعض الناس يتعصب مثلاً لشيخ، فيقول: شيخي إذا قال مسألة فهو الصحيح لا يمكن أن يخطئ، وتجده يدافع عنه ويرد على من رد عليه بالحق وبالباطل، وهذا لا يصح وليس أحد معصوماً إلا محمد صلى الله عليه وسلم، والكتب كلها فيها اختلاف إلا القرآن، قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء:82].

التعصب للمنهج: يرى بعض الناس أن منهجه ووسيلته وطريقته ما أسعد منها وما أصح منها وغيرها خطأ، وأنه يجب على الناس والشباب أن يمضوا مع منهجه، وأن يسلموا بطريقته، وأن يستسلموا لما يقول، ويرى أن الحق فيما يسير عليه وأن غيره مخطئ وهذا ليس بصحيح، ولذلك يقول هؤلاء أهل المبدأ: {هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} [النساء:51].

فمثلاً يقول: أبو جهل كيف يكون الحق مع بلال ومع صهيب وابن مسعود حتى يقول أحد الكفار: لو كان ما جاء به محمد هو الحق ما كان معه بلال وهؤلاء الضعفة.

يقول رجل لـ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه: يا علي! أتظن أن الحق معك والباطل مع طلحة والزبير وعائشة -يعني في الجمل- قال: [[ويلك اعرف الحق تعرف أهله، ولا تعرف الحق بالرجال]] وجوابات علي دائماً تكون مسددة، وقد ذكرت لكم أنه فاجأه رجل فقال: سبحان الله! ما للأمة اتفقت على أبي بكر وعمر واختلفت عليك، قال: [[لأن رعية أبي بكر وعمر أنا وأمثالي ورعيتي أنت وأمثالك]] نعم؛ فالتعصب للأشخاص والمنهاج مصيبة بلغ الإسفاف عند بعض الناس في الأمة أنه يحب مطرباً مغنياً فيتوله به وبحبه ويدافع عنه ويغضب، أو يحب نادياً رياضياً فيعلق إشارة النادي في سيارته وفي غرفة النوم، وفي الطريق وفي كل مكان، ويكتب على سريره هلاليون حتى الموت:

ناصريون نصرهم أين ولى حين داست على الجباه اليهود

وحدويون والبلاد شظايا كل قطر عن البلاد شريد

ويقول نزار قباني:

وحدويون والبلاد شظايا كل جزء من لحمها أجزاء

ماركسيون والجماهير جوعى فلماذا لا يشبع الفقراء

لو قرأنا التاريخ ما ضاعت القدس وضاعت من قبلها الحمراء

فتجد تعصب بعض الناس حتى للمطرب أو للرياضي، وتجد شركات تقوم بالدعاية على هذا ويتضارب أناس، وتتكسر أيدي، وتدق أنوف، وتطلق زوجات من أجل هذا، وهذه سفاسف تمتلئ بها عقول بعض الناس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015