Q نرى كثيراً من الشباب في هذا الزمان ينشغلون بقراءة كتب المتأخرين، ويتركون قراءة كتب السلف، فهل هم في فعلهم هذا مصيبون أم لا؟
صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة:143] والأحسن الجمع بين القديم والحديث، بين السلف والخلف، هم يقولون في كتب التوحيد: طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم، فقال: الأول من العلماء بل طريقة السلف أعلم وأسلم وأحكم، وطريقة الخلف أظلم وأجهل وأغشم، أوردت هذا للفائدة، لكن السؤال يقول: إنهم يتخصصون في الكتب الفكرية.
أقول: ليس هذا بعلم، الذي يبقى على الكتب الفكرية هي كتب واقع تتحدث عن مجريات الحياة، أو ما تلابسه في المجتمع، أو ماتراه في الشارع، الكتاب الكامل يتحدث عن المرأة، وكيف فعلت وكيف صنعت، وأنت تراها صباح مساء، وهذا ليس بعلم، والعلم قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم، وما يدور حولها، وبعض الناس قد يأتي به الحال إلى أن يغلق على نفسه معرفة الواقع، فلا يقرأ كتاباً، ولا جريدة ولا صحيفة، ولا مجلة، ولا يدري أين يعيش الناس، وهو يعيش في القرن الثاني، وللقرن الثاني أحداث ووقائع غير الأحداث التي هنا، وأبو بكر عندما تولى الخلافة، عاش أحداثاً غير التي عاشها الرسول عليه الصلاة والسلام، فإن خطب يوم الجمعة ما كانت نفس الخطب التي تكلم بها صلى الله عليه وسلم، فأعلن الحرب على أهل الردة وندد بهم وشجب فعلهم، وأتى بالأمور التي أحوجتهم إلى الارتداد عن الإسلام، وحل القضية، وعمر بن الخطاب لما خطب تكلم عن الفتوح يوم الجمعة وعن القضايا التي في عصره، وعثمان وعلي كذلك، فالمسألة أن نأخذ علم السلف ونكثر منه، وأن نعرف الواقع الذي نعيش فيه.
ونقلت لي كلمة ما رأيتها وما قرأتها لكن نقلها لي ثقة عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أنه قال في بعض كتبه: "أما الخير فلا بد أن تحويه، وأما الشر فيكفيك أن تعرف منه شيئاًَ بسيطاً"، وهذا هو الصحيح، فالله يقول لرسوله عليه الصلاة والسلام: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام:55] فيقول: نخبرك بالواقع حتى تكون على تثبت، لو أن الرسول عليه الصلاة والسلام عاش في الأربعين سنة في غير الجاهلية لأتى إلى مجتمع لا يعرفه، ولا يعيشه ولا يلابسه، ولكن أحياه الله في هذا المجتمع فعرف الواقع، فأنا أدعو إلى علم السلف بكثافة، وإلى معرفة الواقع بالكتب والوسائل العلمية.